للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{نَصْرُ اللهِ وَالْفَتْحُ}. ومن الثاني الآية الكريمة. ومثلها كثير. {بَأْسُنا:} عذابنا، أو هو أشد العذاب. {بَياتاً} أي: في الليل كقوم لوط. {أَوْ هُمْ قائِلُونَ:} كقوم شعيب أتاهم العذاب وقت القيلولة، وهي استراحة وسط النهار. هذا؛ وتخصيص هاتين الحالتين بالعذاب؛ لأن نزول المكروه عند الغفلة أفظع، وحكايته للسامعين أزجر، وأروع عن الاغترار بأسباب الأمن، والراحة انتهى جمل نقلا من كرخي. وقال البيضاوي: وفي التعبيرين مبالغة في غفلتهم، وأمنهم من العذاب، ولذلك خص الوقتين، ولأنهما وقت دعة واستراحة، فيكون مجيء العذاب فيهما أفظع.

وقال الخازن: لما أمر الله رسوله صلّى الله عليه وسلّم بالإنذار، والإبلاغ، وأمر أمته باتباع ما أنزله إليهم؛ حذرهم نقمته، وبأسه إن لم يتبعوا ما أمروا به، فذكر في هذه الآية ما في ترك المتابعة، والإعراض عن أمره من الوعيد. انتهى.

الإعراب: {وَكَمْ:} الواو: حرف استئناف. (كم): خبرية بمعنى: «كثير» مبنية على السكون في محل نصب مفعول به لفعل محذوف، يفسره ما بعده، ويقدر مؤخرا، التقدير: وكم من قرية أهلكنا أهلكناها؛ لأنها لها صدر الكلام، أو هي في محل رفع مبتدأ. {مِنْ:} حرف جر صلة.

{قَرْيَةٍ:} تمييز (كم) منصوب، وعلامة نصبه فتحة مقدرة على آخره منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة حرف الجر الزائد. {أَهْلَكْناها:} فعل، وفاعل، ومفعول به. وانظر الآية التالية.

والجملة الفعلية مفسرة لا محل لها على الوجه الأول في (كم)، وفي محل رفع خبرها على الوجه الثاني فيها. {فَجاءَها:} الفاء: حرف عطف. (جاءها): ماض، و (ها): مفعول به.

{بَأْسُنا:} فاعله، و (نا): في محل جر بالإضافة، والجملة الفعلية معطوفة على ما قبلها، ولا يصح معنى العطف إلا بتقدير: أردنا إهلاك أهلها فجاءها... إلخ. {بَياتاً:} هو مصدر في موضع الحال، والمعنى: مبيتين. وقيل: هو مفعول لأجله. وقيل: هو ظرف زمان، والأول أقوى لعطف الجملة الاسمية عليه. {هُمْ:} ضمير منفصل مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. {قائِلُونَ:} خبره مرفوع، وعلامة رفعه الواو؛ لأنه جمع مذكر... إلخ. والجملة الاسمية معطوفة على بياتا، فهي في محل نصب حال مثلها.

{فَما كانَ دَعْواهُمْ إِذْ جاءَهُمْ بَأْسُنا إِلاّ أَنْ قالُوا إِنّا كُنّا ظالِمِينَ (٥)}

الشرح: {دَعْواهُمْ:} دعاؤهم، واستغاثتهم. أو: قولهم بمعنى: اعترافهم بجنايتهم.

{جاءَهُمْ:} انظر الآية السابقة. {بَأْسُنا:} عذابنا، والمراد به نزوله بهم في الدنيا. وانظر الآية رقم [١٤٣] (الأنعام). {قالُوا:} القول يطلق على خمسة معان: أحدها: اللفظ الدال على معنى.

الثاني: حديث النفس، ومنه قوله تعالى: {وَيَقُولُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ لَوْلا يُعَذِّبُنَا اللهُ}. الثالث: الحركة، والإمالة، يقال: قالت النخلة، أي: مالت. الرابع: ما يشهد به الحال، كما في قوله تعالى:

<<  <  ج: ص:  >  >>