الشرح:{قالُوا} أي: الأتباع الضعفاء. {رَبَّنا مَنْ قَدَّمَ لَنا هذا:} من زين لنا الكفر، والمعاصي، وسوغه، وسنه لنا. {فَزِدْهُ عَذاباً ضِعْفاً فِي النّارِ:} مضاعفا، ذا ضعف، وذلك بأن يزيد على عذابه مثله، فيصير ضعفين، كقوله تعالى حكاية عن قول المستضعفين في سورة (الأحزاب) رقم [٦٨]: {رَبَّنا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذابِ} وأيضا في سورة (الأعراف) رقم [٣٧]:
هذا؛ والمضاعفة المكاثرة، وضعف الشيء بكسر الضاد وسكون العين مثله، وضعفاه مثلاه، وأضعافه أمثاله هذا هو الأصل في الضعف، ثم استعمل في المثل وما زاد، وليس للزيادة حد، فيقال: هذا ضعف هذا؛ أي: مثله، أو مثلاه، أو ثلاثة أمثاله، وهكذا، ويقال: أضعفت الشيء، وضعّفته، وضاعفته فمعناه ضممت إليه مثله فصاعدا، وقال بعضهم: ضاعفت أبلغ من ضعّفت، ولذا قرأ أكثرهم في الأحزاب رقم [٣٠]: {يُضاعَفْ لَهَا الْعَذابُ ضِعْفَيْنِ} وفي رقم [٦٩] من سورة (الفرقان): {يُضاعَفْ لَهُ الْعَذابُ} وفي النساء رقم [٤٠]: {وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضاعِفْها}.
و (نا): في محل جر بالإضافة من إضافة اسم الفاعل لمفعوله، وفاعله مستتر فيه. {مَنْ:} اسم شرط جازم مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. {قَدَّمَ:} فعل ماض مبني على الفتح في محل جزم فعل الشرط، والفاعل مستتر تقديره:«هو» يعود إلى: {مَنْ}. {لَنا:} جار ومجرور متعلقان بالفعل قبلهما. {هذا:} مفعول به، والهاء حرف تنبيه لا محل له. {فَزِدْهُ:} الفاء:
واقعة في جواب الشرط، (زده): فعل دعاء، والفاعل مستتر، تقديره:«أنت»، والهاء مفعول به أول. {عَذاباً:} مفعول به ثان. {ضِعْفاً:} صفة: {عَذاباً}. {فِي النّارِ:} متعلقان بمحذوف صفة ثانية ل: {عَذاباً،} وجملة: {فَزِدْهُ..}. إلخ في محل جزم جواب الشرط، وخبر المبتدأ الذي هو {مَنْ} مختلف فيه، فقيل: هو فعل الشرط. وقيل: هو جملة الجواب. وقيل: الجملتان، وهو المرجح لدى المعاصرين، والجملة الاسمية والجملة الندائية كلتاهما في محل نصب مقول القول، وجملة:{قالُوا..}. إلخ مستأنفة، لا محل لها. هذا؛ واعتبر بعضهم {مَنْ} اسما موصولا مبتدأ، والجملة الفعلية:(قدم لنا هذا) صلته، وجملة:{فَزِدْهُ..}. إلخ في محل رفع خبره؛ وزيدت الفاء في خبره؛ لأن الموصول يشبه الشرط في العموم. والأول أولى، وأقوى.
{وَقالُوا ما لَنا لا نَرى رِجالاً كُنّا نَعُدُّهُمْ مِنَ الْأَشْرارِ (٦٢)}
الشرح:{وَقالُوا} أي: يقول أكابر المشركين، وعظماؤهم، وهم يعذبون في النار. والتعبير بالماضي عن المستقبل إنما هو لتحقق الوقوع، وهذا كثير، ومستعمل في القرآن الكريم. {ما لَنا}