وغيرهم؛ ليكونوا عظة، وعبرة لمن بعدهم من المكذبين. قال الإمام الفخر الرازي: إن كفار مكة سلكوا في الكفر والتكذيب مسلك من كان قبلهم، فليحذروا أن ينزل بهم مثل ما نزل بأولئك، فقد ضربنا لهم مثلهم. انتهى. صفوة التفاسير. وفي الآية وعد للرسول صلّى الله عليه وسلّم بالنصر، والظفر بأولئك المشركين، ووعيد، وتهديد لأولئك المعاندين.
الإعراب:{فَأَهْلَكْنا:} الفاء: حرف عطف. (أهلكنا): فعل، وفاعل. {أَشَدَّ:} مفعول به.
{مِنْهُمْ:} جار ومجرور متعلقان ب: {أَشَدَّ}. {بَطْشاً:} تمييز. وقيل: حال. ولا وجه له، والجملة الفعلية معطوفة على ما قبلها، لا محلّ لها أيضا. {وَمَضى:} الواو: حرف عطف.
(مضى): فعل ماض مبني على فتح مقدر على الألف للتعذر. {مَثَلُ:} فاعله، وهو مضاف، و {الْأَوَّلِينَ:} مضاف إليه مجرور، وعلامة جره الياء... إلخ. والجملة الفعلية معطوفة على ما قبلها، لا محلّ لها مثلها.
الشرح:{وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ:} الخطاب للنبي صلّى الله عليه وسلّم، والمسؤول منهم أهل مكة. {مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ} ذكر الله من آثار قدرته، ودلائل عظمته خلق السموات والأرض، وخصهما بالذكر هنا، وفي كثير من الآيات؛ لأنهما أعظم المخلوقات فيما يرى العباد، وجمع السموات دون الأرض، وهي مثلهن؛ لأنّ طبقاتها مختلفة بالذات، متفاوتة بالصفات، والآثار، والحركات. وقدمها؛ لشرفها، وعلوّ مكانها، وتقدم وجودها، ولأنها متعبد الملائكة، ولم يقع فيها معصية كما في الأرض، وأيضا: لأنّها كالذكر، فنزول المطر من السماء على الأرض، كنزول المنيّ من الذكر في رحم المرأة؛ لأنّ الأرض تنبت، وتخضر بالمطر.
{لَيَقُولُنَّ خَلَقَهُنَّ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ} أي: ليقولن: خلقهن الله وحده، العزيز في ملكه، العليم بخلقه. قال القرطبي: أقروا له بالخلق والإيجاد، ثم عبدوا معه غيره جهلا منهم، وسفها.
انتهى. وإنّما اعترفوا بذلك لما تقرر في العقول من وجوب انتهاء الممكنات إلى واحد واجب الوجود. هذا؛ وأصل:{لَيَقُولُنَّ}(يقول) فاتصلت به واو الجماعة، فصار (يقولون) فاتصلت به نون التوكيد الثقيلة، فصار:(ليقولوننّ) فحذفت نون الرفع لتوالي الأمثال، فصار:(ليقولونّ) فالتقى ساكنان: واو الجماعة والنون الأولى الساكنة من نون التوكيد، فحذفت واو الجماعة لالتقاء الساكنين، وبقيت الضمة على اللام لتدلّ عليها.
الإعراب:{وَلَئِنْ:} الواو: حرف استئناف. اللام: موطئة لقسم محذوف. (إن): حرف شرط جازم. {سَأَلْتَهُمْ:} فعل ماض مبني على السكون في محل جزم فعل الشرط، والتاء فاعله، والهاء مفعوله الأول، والجملة الفعلية لا محلّ لها؛ لأنّها ابتدائية، ويقال: لأنّها جملة