الشرح:{وَجاءَ الْمُعَذِّرُونَ مِنَ الْأَعْرابِ لِيُؤْذَنَ لَهُمْ}: المراد بهؤلاء: بنو أسد، أو بنو غطفان استأذنوا الرسول صلّى الله عليه وسلّم في التخلف عن الخروج معه لغزوة تبوك، معتذرين بالجهد وكثرة العيال، وقيل: هم قوم عامر بن الطفيل، قالوا: إن غزونا معك؛ أغارت طيئ على أهالينا ومواشينا، والمعذرة إما من عذر في الأمر: إذا قصر فيه، موهما: أن له عذرا، ولا عذر له، أو من اعتذر: إذا مهد العذر، بإدغام التاء في الذال، ونقل حركتها إلى العين، وقرئ: المعذرون بوجوه كثيرة، هذا؛ والاعتذار في كلام العرب على قسمين، يقال: اعتذر إذا كذب في عذره، ومنه قوله تعالى:{يَعْتَذِرُونَ إِلَيْكُمْ،} فرد الله عليهم بقوله {قُلْ لا تَعْتَذِرُوا} فدل ذلك على فساد عذرهم، وكذبهم فيه، ويقال: اعتذر إذا أتى بعذر صحيح، ومنه قول لبيد بن ربيعة الصحابي رضي الله عنه:[الطويل]
إلى الحول ثمّ اسم السّلام عليكما... ومن يبك حولا كاملا، فقد اعتذر
{وَقَعَدَ الَّذِينَ كَذَبُوا اللهَ وَرَسُولَهُ} أي: تخلف جماعة عن الجهاد، ولم يعتذروا، وهم يدعون الإيمان بالله ورسوله، وهم كاذبون في هذا الادعاء، والفعل يقرأ بالتخفيف والتشديد. {سَيُصِيبُ الَّذِينَ} ... {عَذابٌ أَلِيمٌ}: في الدنيا بالقتل والذل والخزي والعار، وفي الآخرة في النار، وبئس القرار.
{الْأَعْرابِ}: جمع أعرابي، وهو من يسكن البادية وهو ما في القاموس، وقيل: الأعراب اسم جنس، وأعرابي نسبة إلى الأعراب. انتهى. مختار الصحاح، هذا؛ والعرب أهل الأمصار، وهو أيضا اسم جنس، والنسبة إليهم عربي، فالأعرابي على الأول مفرد الأعراب، ونسبة إليهم، والعربي على الثاني مفرد العرب، ونسبة إلى العرب. {كَذَبُوا}: من التكذيب مشددا مخففا، هذا؛ ويأتي مخففا بمعنى: وجب، وخدع، وأغرى، ويعد من الجوامد التي لا تتصرف، انظر الشاهد (٢٨) من كتابنا فتح رب البرية تجد ما يسرك. {سَيُصِيبُ}: انظر إعلاله في الآية رقم [٥١].
الإعراب:{وَجاءَ}: (جاء): ماض. {الْمُعَذِّرُونَ}: فاعله مرفوع... إلخ. {مِنَ الْأَعْرابِ}: متعلقان بمحذوف حال من {الْمُعَذِّرُونَ}. {لِيُؤْذَنَ}: مضارع مبني للمجهول منصوب ب (أن) مضمرة بعد لام التعليل. {لَهُمْ}: متعلقان بمحذوف نائب فاعل، و (أن) المضمرة والفعل