ينكرونها. ومعنى الثانية: أنهم يؤدون ما يؤمرون به، ولا يتثاقلون عنه، ولا يتوانون فيه، وجملة:
{وَيَفْعَلُونَ..}. إلخ: معطوفة على ما قبلها على الوجهين المعتبرين فيها، و {ما} تحتمل الموصولة، والموصوفة، فهي مفعول به، ولا تحتمل المصدرية، والجملة بعدها صلتها، أو صفتها، والعائد، أو الرابط محذوف، التقدير: ويفعلون الذي، أو شيئا يؤمرونه، أو يؤمرون به.
تأمل، وتدبر، وربك أعلم.
{يا أَيُّهَا الَّذِينَ كَفَرُوا لا تَعْتَذِرُوا الْيَوْمَ إِنَّما تُجْزَوْنَ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (٧)}
الشرح:{يا أَيُّهَا الَّذِينَ كَفَرُوا لا تَعْتَذِرُوا الْيَوْمَ} أي: يقال لهم: لا تعتذروا اليوم. وذلك حين يعاينون النار، وشدتها؛ لأن الله-عز وجل-قد قدم إليهم الإنذار، والإعذار في الدنيا، فلا ينفعهم الاعتذار في الآخرة؛ لأنه غير مقبول بعد دخول النار، وقد فات زمان الاعتذار، وصار الأمر إلى ما صار، والآية كقوله تعالى في سورة (الروم) رقم [٥٧]: {فَيَوْمَئِذٍ لا يَنْفَعُ الَّذِينَ ظَلَمُوا مَعْذِرَتُهُمْ وَلا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ}. وقال تعالى في سورة (المرسلات) رقم [٣٦]: {وَلا يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ}.
{إِنَّما تُجْزَوْنَ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} أي: إنما تنالون جزاء أعمالكم القبيحة، ولا تظلمون شيئا، وهذه الجملة مذكورة في كثير من الآيات، ويجمع فحواها كلها قوله تعالى في سورة (غافر) رقم [١٧]:
الإعراب:{يا أَيُّهَا الَّذِينَ كَفَرُوا:} إعراب هذه الجملة مثل إعراب ما قبلها بلا فارق بينهما.
{لا تَعْتَذِرُوا:} فعل مضارع مجزوم ب: {لا} الناهية، وعلامة جزمه حذف النون؛ لأنه من الأفعال الخمسة، والواو فاعله، والألف للتفريق. {الْيَوْمَ:} ظرف زمان متعلق بما قبله.
{إِنَّما:} كافة ومكفوفة. {تُجْزَوْنَ:} فعل مضارع مبني للمجهول مرفوع، وعلامة رفعه ثبوت النون، والواو نائب فاعله، وهو المفعول الأول. {إِنَّما:} اسم موصول، أو نكرة موصوفة، أو مصدرية، فعلى الأولين مبنية على السكون في محل نصب مفعول به ثان. {كُنْتُمْ:} فعل ماض ناقص مبني على السكون، والتاء اسمه، وجملة:{تَعْمَلُونَ:} في محل نصب خبر (كان)، والجملة الفعلية صلة (ما)، أو صفتها، والعائد، أو الرابط محذوف، التقدير: تجزون الذي، أو شيئا كنتم تعملونه، وعلى اعتبار (ما) مصدرية تؤول مع ما بعدها بمصدر في محل نصب مفعول به ثان، التقدير: تجزون عملكم، وفيه ضعف لا يخفى، وعلى جميع الاعتبارات؛ فالكلام على تقدير مضاف محذوف، التقدير: جزاء الذي، أو جزاء عملكم، والجملة الفعلية:{إِنَّما..}. إلخ تعليل للنهي، لا محل لها، والآية بكاملها في محل نصب مقول القول لقول محذوف، التقدير:
يقال لهم عند إدخالهم الملائكة النار:{يا أَيُّهَا الَّذِينَ كَفَرُوا..}. إلخ.