للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كما يجعل أحدكم إصبعه في اليمّ، فلينظر بم يرجع؟». {وَبِئْسَ الْمِهادُ:} انظر الآية رقم [١٢].

هذا وبيّن الله تعالى في كثير من الآيات: أنّ إعطاء الله الدّنيا للكافرين، إنّما هو إمهال لا إهمال، واستدراج لا إكرام، قال تعالى في سورة (المؤمنون): {أَيَحْسَبُونَ أَنَّما نُمِدُّهُمْ بِهِ مِنْ مالٍ وَبَنِينَ (٥٥) نُسارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْراتِ بَلْ لا يَشْعُرُونَ}. وانظر ما ذكرته في الآية رقم [١٧٨].

وعن عمر-رضي الله عنه-قال: جئت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فإذا هو في مشربة، وإنّه لعلى حصير، ما بينه وبينه شيء، وتحت رأسه وسادة من أدم، حشوها ليف، وعند رجليه قرظ مصبور، وعند رأسه أهب معلّقة، فرأيت الحصير قد أثر في جنبه، فبكيت، فقال: ما يبكيك؟ قلت: يا رسول الله! إنّ كسرى، وقيصر فيما هما فيه؛ وأنت يا رسول الله! تنام على حصير قد أثّر في جنبك؟! قال: «أما ترضى أن تكون لهما الدّنيا، ولنا الآخرة». رواه البخاريّ، ومسلم. وفي رواية عن ابن مسعود أطول من هذا؛ وفيه: «ما أنا في الدّنيا إلاّ كراكب استظلّ تحت شجرة، ثمّ راح، وتركها». المشربة: الغرفة.

الإعراب: {مَتاعٌ:} خبر لمبتدإ محذوف؛ أي: تقلّبهم متاع. {قَلِيلٌ:} صفة له، والجملة الاسمية مستأنفة لا محلّ لها، أو هي في محل نصب حال من: {تَقَلُّبُ الَّذِينَ} والرابط: المبتدأ المقدّر. {ثُمَّ:} حرف عطف. {مَأْواهُمْ:} مبتدأ مرفوع، وعلامة رفعه ضمّة مقدّرة على الألف للتعذّر، والهاء في محل جر بالإضافة من إضافة المصدر لمفعوله، وفاعله في المعنى ما هو خبر عنه وهو: {جَهَنَّمُ} والجملة الاسمية معطوفة على ما قبلها. {وَبِئْسَ الْمِهادُ:} تقدم إعرابها كثيرا، والمخصوص بالذمّ محذوف، التقدير: هي جهنم.

{لكِنِ الَّذِينَ اِتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ جَنّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها نُزُلاً مِنْ عِنْدِ اللهِ وَما عِنْدَ اللهِ خَيْرٌ لِلْأَبْرارِ (١٩٨)}

الشرح: {لكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ:} فيما أمرهم به من العمل بطاعته، واتّباع مرضاته، واجتناب ما نهاهم عنه من معاصيه. هذا؛ ويقرأ بتشديد نون ({لكِنِ}). {لَهُمْ جَنّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها:} تقدّم شرح هذه الكلمات كثيرا. {نُزُلاً مِنْ عِنْدِ اللهِ:} النّزل: ما يعدّ للنازل، أي: للضيف من طعام، وشراب، وإكرام. قال أبو الشعراء الضبّي، وهو على سبيل الاستعارة التهكميّة: [الطويل]

وكنّا إذا الجبّار بالجيش ضافنا... جعلنا القنا والمرهفات له نزلا

هذا؛ وذكر أبو البقاء رحمه الله تعالى: أنه يجوز أن يكون جمع: نازل، كما قال الأعشى في معلقته: [البسيط]

إن تركبوا فركوب الخيل عادتنا... أو تنزلون فإنّا معشر نزل

<<  <  ج: ص:  >  >>