فعن أبي هريرة-رضي الله عنه-عن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال:«خلق الله آدم عليه السّلام على صورته، وطوله ستون ذراعا، ثمّ قال: اذهب، فسلّم على أولئك-نفر من الملائكة-فاسمع ما يحيّونك به، فإنّها تحيّتك، وتحيّة ذرّيّتك، فقال: السّلام عليكم! فقالوا: السّلام عليك، ورحمة الله! فزادوه: ورحمة الله، قال: فكلّ من يدخل الجنة على صورة آدم، وطوله ستون ذراعا فلم يزل الخلق ينقص بعده حتى الآن». متفق عليه، قال الإمام النووي-رحمه الله تعالى-: هذه الرواية ظاهرة في أنّ الضمير في صورته عائد إلى آدم، وأنّ المراد: أنّه خلق في أول نشأته على صورته التي كان عليها في الأرض، وتوفي عليها. انتهى. وعن أنس-رضي الله عنه-قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «لمّا صوّر الله آدم تركه ما شاء الله أن يتركه، فجعل إبليس يطوف به ينظر ما هو، فلما رآه أجوف عرف أنّه لا يتمالك». أخرجه مسلم. وعن أبي موسى الأشعري-رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: «إنّ الله تبارك وتعالى خلق آدم من قبضة قبضها من جميع الأرض، فجاء بنو آدم على قدر الأرض، منهم الأحمر، والأبيض، والأسود، وبين ذلك، والسّهل، والحزن، والطّيب، والخبيث» أخرجه الترمذيّ، وأبو داود.
الإعراب:{وَعَلَّمَ:} الواو: حرف عطف، أو حرف استئناف. ({عَلَّمَ}): فعل ماض، والفاعل يعود إلى {رَبُّكَ} المذكور في الآية السابقة. {آدَمَ:} مفعول به أول. {الْأَسْماءَ} مفعول به ثان. {كُلَّها:} توكيد للأسماء، و «ها» في محل جر بالإضافة، والجملة الفعلية معطوفة على جملة:(قال...) إلخ، فهي في محل جر مثلها، وقيل: مستأنفة لا محل لها، والعطف أقوى.
{ثُمَّ:} حرف عطف. {عَرَضَهُمْ:} فعل ماض، والفاعل يعود إلى {رَبُّكَ،} والهاء مفعول به.
{عَلَى الْمَلائِكَةِ:} متعلقان بما قبلهما، والجملة الفعلية معطوفة على ما قبلها، و {ثُمَّ} للتراخي.
{فَقالَ:} الفاء: حرف عطف وتعقيب. (قال): فعل ماض، والفاعل يعود إلى {رَبُّكَ} أيضا.
{أَنْبِئُونِي:} فعل أمر مبني على حذف النون، والواو فاعله، والنون للوقاية، وياء المتكلم مفعول به، والجملة الفعلية في محل نصب مقول القول. {بِأَسْماءِ:} متعلقان بالفعل قبلهما.
{هؤُلاءِ:} الهاء: حرف تنبيه لا محل له، و (أسماء): مضاف، و (أولاء): اسم إشارة مبني على الكسر في محل جر بالإضافة، وجملة:(قال...) إلخ معطوفة على ما قبلها، فهي في محل جر أيضا. {إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ:} انظر إعراب هذه الجملة في الآية رقم [٢٣]، وجواب الشرط محذوف لدلالة ما قبله عليه، التقدير: إن كنتم صادقين فيما تقولون؛ فأنبئوني... إلخ.
{قالُوا سُبْحانَكَ لا عِلْمَ لَنا إِلاّ ما عَلَّمْتَنا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ (٣٢)}
الشرح:{قالُوا:} أي: قال الملائكة. {سُبْحانَكَ:} تنزيها لك عن جميع المعايب، والنقائص، وانظر الآية رقم [٣٠]، و (سبحان): اسم مصدر، وقيل: مصدر، مثل: غفران، وليس بشيء؛ لأن الفعل: سبّح بتشديد الباء، والمصدر: تسبيح، ولا يكاد يستعمل إلا مضافا