للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{إِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ فَالَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ قُلُوبُهُمْ مُنْكِرَةٌ وَهُمْ مُسْتَكْبِرُونَ (٢٢)}

الشرح: {إِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ:} لما بيّن الله استحالة الإشراك به سبحانه بيّن أن الذي يستحق العبادة هو إله واحد، وهذه الأصنام متعددة، فكيف تستحق العبادة؟!.

{فَالَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ قُلُوبُهُمْ مُنْكِرَةٌ} أي: لا تقبل الوعظ، ولا ينجع فيها النصح.

{وَهُمْ مُسْتَكْبِرُونَ} أي: متكبرون عن اتباع الحق؛ لأن الحق إذا تبين كان تركه تكبرا، وفي الكلام التفات من الغيبة إلى الخطاب، كما في الآية رقم [١٧] وأعني بالغيبة في الآية السابقة، ثم في هذه الآية التفات من الخطاب إلى الغيبة.

وللالتفات فوائد كثيرة: منها تطرية الكلام، وصيانة السمع عن الضجر، والملال لما جبلت عليه النفوس من حب التنقلات، والسآمة من الاستمرار على منوال واحد، هذه فوائده العامة، ويختص كل موضع بنكت، ولطائف باختلاف محله، كما هو مقرر في علم البديع، ووجهه حث السامع، وبعثه على الاستماع؛ حيث أقبل المتكلم عليه، وأعطاه فضل عنايته، وخصصه بالمواجهة.

الإعراب: {إِلهُكُمْ:} مبتدأ، والكاف في محل جر بالإضافة. {إِلهٌ:} خبر المبتدأ.

{واحِدٌ:} صفته، والجملة الاسمية مستأنفة، لا محل لها. {فَالَّذِينَ:} الفاء: حرف استئناف وتفريع. (الذين): اسم موصول مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ. {لا:} نافية. {يُؤْمِنُونَ:}

مضارع مرفوع، والواو فاعله، والجملة الفعلية صلة الموصول، لا محل لها. {بِالْآخِرَةِ:}

متعلقان بالفعل قبلهما. {قُلُوبُهُمْ:} مبتدأ، والهاء في محل جر بالإضافة. {مُنْكِرَةٌ:} خبره؛ والجملة الاسمية في محل رفع خبر (الذين)، والجملة الاسمية هذه مستأنفة ومفرعة عما قبلها لا محل لها مثلها، والجملة الاسمية: {وَهُمْ مُسْتَكْبِرُونَ} في محل نصب حال من واو الجماعة، والرابط: الواو، والضمير.

{لا جَرَمَ أَنَّ اللهَ يَعْلَمُ ما يُسِرُّونَ وَما يُعْلِنُونَ إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْتَكْبِرِينَ (٢٣)}

الشرح: {لا جَرَمَ أَنَّ اللهَ:} انظر الإعراب يتضح لك معناها. {يَعْلَمُ ما يُسِرُّونَ وَما يُعْلِنُونَ:} انظر الآية رقم [١٩] {لا يُحِبُّ الْمُسْتَكْبِرِينَ} أي: يبغضهم، ويمقتهم، ويصرفهم عن التفكر في آياته، والتدبر في صنعه، كما ذكر الله ذلك في آية (الأعراف) رقم [١٤٦] وهو صفة تستوجب الذم، وتستلزم اللوم، وتسلب الفضائل، وتكسب الرذائل، وحسب المتكبر من هذه صفاته البغض والمقت عند الله، وعند الناس.

فعن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده-رضي الله عنهم-قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «يحشر المتكبّرون يوم القيامة أمثال الذّرّ في صور الرّجال، يغشاهم الذّلّ من كلّ مكان، يساقون إلى سجن

<<  <  ج: ص:  >  >>