الرّسول صلّى الله عليه وسلّم فيما رواه الترمذيّ عن ابن مسعود-رضي الله عنه-: «لا يكون المؤمن لعّانا» فالمراد نفي للّعن أبدا، لا نفي المبالغة. وخذ قول امرئ القيس-وهو الشّاهد رقم [١٧٥] من كتابنا: «فتح القريب المجيب» -: [الطويل]
وليس بذي رمح فيطعنني به... وليس بذي سيف وليس بنبّال
فهذه الصيغ ليست للمبالغة، وإنّما هي للنّسب، مثل: عطّار، ونجّار، وتمّار. قال ابن مالك -رحمه الله-: [الرجز]
ومع فاعل وفعّال فعل... في نسب أغنى عن اليا فقبل
الإعراب: {ذلِكَ:} اسم إشارة مبني على السكون في محل رفع مبتدأ، واللام للبعد، والكاف حرف خطاب لا محل له. {بِما:} جار ومجرور متعلّقان بمحذوف خبر المبتدأ، (ما) تحتمل الموصولة، والموصوفة، فهي مبنية على السكون في محل جر بالباء. {قَدَّمَتْ:} فعل ماض، والتاء للتأنيث. {أَيْدِيكُمْ:} فاعله مرفوع، وعلامة رفعه ضمّة مقدّرة على الياء للثقل، والكاف في محل جر بالإضافة، والجملة الفعلية صلة (ما) أو صفتها، والعائد أو الرابط محذوف، التقدير:
بالذي، أو: بشيء قدّمته أيديكم. {وَأَنَّ:} الواو: حرف عطف. ({أَنَّ}): حرف مشبه بالفعل.
{اللهَ:} اسمها. {لَيْسَ:} فعل ماض ناقص، واسمه ضمير مستتر يعود إلى: {اللهَ} تقديره:
«هو»، {بِظَلاّمٍ} الباء: حرف جر صلة. (ظلام) خبر (ما) منصوب، وعلامة نصبه فتحة مقدرة على آخره، منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة حرف الجر الزائد. {لِلْعَبِيدِ:} متعلقان ب (ظلام). وجملة: {لَيْسَ..}. إلخ في محل رفع خبر ({أَنَّ}) و ({أَنَّ}) واسمها وخبرها في تأويل مصدر معطوف على (ما) فهو في محل جر مثلها، والجملة الاسمية: {ذلِكَ بِما قَدَّمَتْ..}. إلخ في محل نصب مقول لقول محذوف، التقدير: ويقال لهم إذا لقوا في جهنم: ذلك... إلخ.
أو: ونقول لهم إذا ألقوا... إلخ تقريعا، وتوبيخا، وتحقيرا، وتصغيرا.
{الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللهَ عَهِدَ إِلَيْنا أَلاّ نُؤْمِنَ لِرَسُولٍ حَتّى يَأْتِيَنا بِقُرْبانٍ تَأْكُلُهُ النّارُ قُلْ قَدْ جاءَكُمْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِي بِالْبَيِّناتِ وَبِالَّذِي قُلْتُمْ فَلِمَ قَتَلْتُمُوهُمْ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (١٨٣)}
الشرح: {الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللهَ عَهِدَ إِلَيْنا:} قال الكلبي: نزلت في كعب بن الأشرف، ومالك بن صيفي، ووهب بن يهوذا، وزيد بن تابوت، وفنحاص بن عازوراء، وحيي بن أخطب من اليهود، أتوا النبيّ صلّى الله عليه وسلّم، فقالوا: يا محمد! تزعم: أنّ الله بعثك إلينا رسولا، وأنزل عليك كتابا، وإنّ الله عهد إلينا في التوراة ألا نؤمن لرسول يزعم: أنه جاء من عند الله، حتّى يأتينا بقربان تأكله