الشرح:{لا جُناحَ عَلَيْهِنَّ} أي: لا إثم، ولا حرج على أزواج الرسول صلّى الله عليه وسلّم. {فِي آبائِهِنَّ..}. إلخ: أي: في رؤية، وكلام آبائهن لهن... إلخ، فالكلام على حذف المضاف.
روي: أنه لما نزلت آية الحجاب قال الآباء، والأبناء، والإخوان: يا رسول الله! أو نكلمهن أيضا من وراء الحجاب؟ فنزل:{لا جُناحَ عَلَيْهِنَّ}. هذا؛ وقد ذكر تعالى في هذه الآية من يحل للمرأة البروز له، ولم يذكر الأعمام، والأخوال مع كونهم من المحارم، وأولادهم ليسوا من المحارم باتفاق جميع المسلمين؛ لأن مناكحتهم صحيحة لا حرج فيها، لم يذكرهم الله؛ لأنهم يجرون مجرى الوالدين، في معنى الإخوان، أو لأن الأحوط أن يتسترن عنهم حذرا من أن يصفوهن لأولادهم. قال الزجاج: هذا؛ وقد ذكر الله في هذه الآية بعض المحارم وذكر الجميع في الآية رقم [٢٣] من سورة (النساء)، والآية رقم [٣١] من سورة (النور)، فهذه الآية توسطت بين الآيتين.
{وَلا نِسائِهِنَّ} أي: المؤمنات من أهل دينهنّ، المراد أنه يجوز للمرأة المسلمة أن تنظر إلى بدن المرأة المسلمة ما عدا ما بين السرة والركبة، فلا يجوز للمرأة المؤمنة أن تتعرى من ثيابها عند الذمية، أو الوثنية؛ لأنها ليست من المؤمنات، ولأنها أجنبية في الدين، فكانت أبعد من الرجل الذي يحل نكاحه، وقد كتاب عمر-رضي الله عنه-إلى أبي عبيدة بن الجراح-رضي الله عنه-أن يمنع نساء أهل الكتاب أن يدخلن الحمام مع المسلمات، وذلك لئلا تصف الكافرة جسد المسلمة لزوجها الكافر، أو غيره من أقاربها. ولا يفوتني أن أذكر أنه تقدم الطبيبة الكافرة في معالجة المرأة المسلمة على الطبيب المسلم، ولو كان عدلا، ولكن المسلمين في هذه الأيام قد انحرفوا عن الصراط المستقيم، فتراهم يقدمون الطبيب الكافر على الطبيب المسلم؛ بل وعلى الطبيبة المسلمة، ولا حول، ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. {وَلا ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُنَّ} أي: من العبيد، والإماء، بمعنى: أنه يجوز للمرأة المسلمة أن تكشف من بدنها ما عدا ما بين السرة والركبة لمن تملكه من العبيد، ولا أطيل الكلام في ذلك؛ لأن الرق لم يعد موجودا في الدنيا.
وينبغي أن تعلم: أن هذه الأحكام ليست مقصورة على نساء النبي صلّى الله عليه وسلّم؛ بل تعم جميع المسلمات المؤمنات، ولذا عممته كما ترى.
هذا؛ و (آباء) جمع: أب، وأصله: أبو، فجمعه آباء. و (أبناء) جمع: ابن، وأصله: بنو، فجمعه: أبناء. و (نساء) أصله: نساي، فقل في إعلال الثلاثة: تحركت الواو، والياء، وانفتح ما