للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لله بالطاعة؛ إذا دعاهم إليها. هذا؛ وأجاب، واستجاب بمعنى واحد. هذا؛ ولا تنس الاحتراس بعطف العمل الصالح على الإيمان، وقد ذكرته مرارا فيما مضى.

{وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ} أي: على ما استحقوا، واستوجبوا له بالاستجابة. أو المعنى: يزيدهم ثوابا سوى ثواب أعمالهم تفضلا منه. وقال ابن عباس-رضي الله عنهما-: يشفعهم في إخوانهم، ويزيدهم من فضله بأن يشفعهم في إخوان إخوانهم. {وَالْكافِرُونَ لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ:} بدل ما للمؤمنين من الثواب، والتفضل. وفيه من المقابلة بين إثابة المؤمنين، وعقاب الكافرين ما لا يخفى.

الإعراب: {وَيَسْتَجِيبُ:} الواو: حرف عطف. (يستجيب): فعل مضارع. {الَّذِينَ:} اسم موصول مبني على الفتح في محل رفع فاعل، أو الفاعل مستتر تقديره: «هو» يعود إلى {اللهِ} و {الَّذِينَ} مفعول به، أو هو في محل نصب على نزع الخافض، كما رأيت في الشرح، وجملة:

{آمَنُوا} مع المتعلق المحذوف صلة الموصول. وجملة: {وَعَمِلُوا الصّالِحاتِ:} معطوفة عليها، لا محلّ لها مثلها. {وَيَزِيدُهُمْ:} الواو حرف عطف. (يزيدهم): فعل مضارع، والهاء ضمير متصل في محل جر بالإضافة، من إضافة المصدر لفاعله، والجملة الفعلية معطوفة على جملة الصلة، لا محلّ لها مثلها. {وَالْكافِرُونَ:} الواو: حرف استئناف. (الكافرون): مبتدأ مرفوع، وعلامة رفعه الواو نيابة عن الضمة لأنّه جمع مذكر سالم. {لَهُمْ:} جار ومجرور متعلقان بمحذوف خبر المبتدأ. {عَذابٌ:} فاعل بمتعلق الجار والمجرور. {شَدِيدٌ:} صفة: {عَذابٌ}. هذا؛ وإن اعتبرت: {لَهُمْ} متعلقين بمحذوف خبر مقدم، و {عَذابٌ} مبتدأ مؤخرا، فالجملة الاسمية تكون في محل رفع خبر المبتدأ الأول، والجملة الاسمية: (الكافرون...) إلخ مستأنفة، لا محلّ لها.

{وَلَوْ بَسَطَ اللهُ الرِّزْقَ لِعِبادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ وَلكِنْ يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ ما يَشاءُ إِنَّهُ بِعِبادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ (٢٧)}

الشرح: {وَلَوْ بَسَطَ اللهُ الرِّزْقَ لِعِبادِهِ} أي: لو وسّع الله عليهم في الرزق ورغد العيش؛ {لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ} أي: لتكبروا، وأفسدوا فيها بطرا، أو: لبغى بعضهم على بعض استيلاء، واستعلاء. وهذا على الغالب. وأصل البغي: طلب تجاوز الاقتصاد فيما يتحرّى كمية، أو كيفية. انتهى. بيضاوي.

هذا؛ وذكروا في كون بسط الرزق موجبا للطغيان وجوها: الأول: أنّ الله لو سوى في الرزق بين الكل، امتنع كون البعض محتاجا إلى البعض، وذلك يوجب خراب العالم، وتعطيل المصالح.

ثانيها: أنّ هذه الآية مختصة بالعرب، فإنّهم كلّما اتسع رزقهم، ووجدوا من ماء المطر ما يرويهم، ومن العشب والكلأ ما يشبعهم؛ قدموا على النهب والغارة. ثالثها: أنّ الإنسان متكبر بالطبع، فإذا وجد الغنى، والقدرة؛ عاد إلى مقتضى خلقته الأصلية، وهو التكبر. وإذا وقع في شدة وبلية

<<  <  ج: ص:  >  >>