للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{وَنَرِثُهُ ما يَقُولُ وَيَأْتِينا فَرْداً (٨٠)}

الشرح: {وَنَرِثُهُ ما يَقُولُ} أي: نرث ما يدعيه لنفسه من المال، والولد، وذلك بموته، وخروجه من الدنيا خاليا من ذلك. وفي القرطبي: وقيل: نحرمه ما تمناه في الآخرة من مال وولد، ونجعله لغيره من المسلمين. {وَيَأْتِينا فَرْداً} أي: لا مال له، ولا ولد، ولا عشيرة، والمراد: بالفردية: الانقطاع عنهما بالكلية، ولا شك: أن مثل هذه الفردية لا تحصل إلا للكافر، وإلا فالمؤمن والكافر سواء عند البعث في كونهما منفردين عن المال، والولد لقوله تعالى:

{وَلَقَدْ جِئْتُمُونا فُرادى كَما خَلَقْناكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ} الآية رقم [٩٤] من سورة (الأنعام). وانظر الآية رقم [٤٩] من سورة (الكهف). ثم يتفاوتون بعد ذلك. فالمؤمن يلاقي أحبابه، وأولاده، وما اشتهاه في الجنة، والكافر يحال بينه وبين ما يشتهيه، وينفرد عنه أبدا، وكيف يشتهي ذلك، وهو مشغول بنفسه بسبب العقاب الشديد، والعذاب الأليم، والله أعلم بمراده، وأسرار كتابه.

الإعراب: {وَنَرِثُهُ:} مضارع، والفاعل مستتر تقديره: «نحن»، والهاء مفعول به {ما يَقُولُ} إعرابه مثل إعراب ما قبله في الآية السابقة، وعلى الاعتبارات الثلاثة فهو بدل اشتمال من الضمير المنصوب، ويجوز أن يكون مفعولا به مثل سابقه، والضمير منصوب بنزع الخافض، التقدير: ونرث منه ما يقول، والجملة الفعلية معطوفة على ما قبلها، لا محل لها أيضا.

{وَيَأْتِينا:} مضارع مرفوع، وعلامة رفعه ضمة مقدرة على الياء للثقل، والفاعل يعود إلى الكافر المعاند، و (نا): مفعول به. {فَرْداً:} حال من الفاعل المستتر، والجملة الفعلية معطوفة على ما قبلها، لا محل لها أيضا.

{وَاِتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللهِ آلِهَةً لِيَكُونُوا لَهُمْ عِزًّا (٨١)}

الشرح: {وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللهِ آلِهَةً} أي: وعبد المشركون عامة، أوثانا، وأصناما.

{لِيَكُونُوا لَهُمْ عِزًّا:} قوة، ومنعة يمنعونهم من العذاب، ويكونون لهم شفعاء عند الله، وقد صرحوا بذلك {ما نَعْبُدُهُمْ إِلاّ لِيُقَرِّبُونا إِلَى اللهِ زُلْفى} هذا؛ وإنما جمعت المعبودات الباطلة بواو الجماعة التي هي للعقلاء مع أنها من الجمادات التي لا تعقل؛ لأن الكفار يعاملونها معاملة من يعقل من سؤالهم لها حوائجهم، وتذللهم لها، والعرب تجمع ما لا يعقل جمع من يعقل إذا عاملوه معاملته وأنزلوه منزلته، وإن كان خارجا عن الأصل وهو كثير ومستعمل في القرآن الكريم والكلام العربي. وانظر شرح {دُونِ} في الآية رقم [١٤] من سورة (الكهف) وشرح لفظ الجلالة في الآية رقم [١] منها أيضا.

الإعراب: {وَاتَّخَذُوا:} الواو: حرف عطف. (اتخذوا): ماض والواو فاعله والألف للتفريق.

وانظر إعراب (قالوا) في الآية رقم [٢١] {مِنْ دُونِ:} متعلقان بما قبلهما، أو هما متعلقان

<<  <  ج: ص:  >  >>