للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ماض ناقص مبني على الضم، والواو اسمه، والألف للتفريق. {بِشُرَكائِهِمْ:} جار ومجرور متعلقان بما بعدهما، والهاء ضمير متصل في محل جر بالإضافة. {كافِرِينَ:} خبر (كان) منصوب، وعلامة نصبه الياء نيابة عن الفتحة؛ لأنه جمع مذكر سالم، والنون عوض عن التنوين في الاسم المفرد، وجملة: {وَكانُوا..}. إلخ معطوفة على ما قبلها، على جميع الاعتبارات فيها.

{وَيَوْمَ تَقُومُ السّاعَةُ يَوْمَئِذٍ يَتَفَرَّقُونَ (١٤)}

الشرح: معنى الآية يتفرق الناس يوم القيامة فرقتين بعد الحساب: المؤمنون يدخلون الجنة، والكافرون يدخلون النار، وقد دل على هذا التفرق الآيتان التاليتان. وعن الحسن، رضي الله عنه، قال: هو تفرق المسلمين، والكافرين، هؤلاء في عليين، وهؤلاء أسفل السافلين. وعن قتادة -رضي الله عنه-: فرقة لا اجتماع بعدها. وانظر هذا التفرق في الآية رقم [٤٤] الآتية.

هذا؛ و {السّاعَةُ} القيامة، سميت بذلك؛ لأنها تفجأ الناس بغتة في ساعة، لا يعلمها إلا الله تبارك وتعالى. وقيل: سميت ساعة لسرعة الحساب فيها؛ لأن حساب الخلائق يوم القيامة يكون في ساعة، أو أقل من ذلك، قال تعالى في كثير من الآيات: {فَإِنَّ اللهَ سَرِيعُ الْحِسابِ} ولا تنس: أن ساعة كل إنسان، وقيامته وقت مقدمات الموت، وما فيه من أهوال، ولذا قال النبي صلّى الله عليه وسلّم: «من مات فقد قامت قيامته». وقيل: سميت الساعة بذلك؛ لأنها تقوم في آخر ساعة من ساعات الدنيا.

هذا وقد ثبت: أن لقيام القيامة علامات، وهي صغرى، وكبرى، فالصغرى قد ظهر جميعها، كقبض العلم الشرعي، وتقارب الزمان، وفيض المال، وكثرة الزلازل، وكثرة القتل، وتطاول البدو في البنيان، وكثرة الفجور، والفسوق، وغير ذلك مما هو واقع، ومشاهد الآن.

أما العلامات الكبرى فخذها مما يلي، فعن حذيفة بن أسيد الغفاري-رضي الله عنه-قال:

طلع علينا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، ونحن نتذاكر الساعة، فقال: «ما تذاكرون؟». قالوا: نتذاكر الساعة، قال: «إنّها لن تقوم حتّى تروا قبلها عشر آيات، فذكر الدّخان، والدّجّال، والدّابّة، وطلوع الشّمس من مغربها، ونزول عيسى ابن مريم، ويأجوج ومأجوج، وثلاثة خسوف: خسف بالمشرق، وخسف بالمغرب، وخسف بجزيرة العرب، وآخر ذلك نار تخرج من اليمن، تطرد الناس إلى محشرهم». أخرجه مسلم. انتهى. خازن.

أقول: ما ذكر في الحديث الشريف، بعضه من علاماتها، وبعضه من مبادئها، كخروج الدابة، وطلوع الشمس من مغربها، فعند ذلك يغلق باب التوبة، ولا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل، انظر الآية رقم [١٥٨] من سورة (الأنعام)، وانظر ما ذكرته في الآية رقم [٦٣] من سورة (الأحزاب) فإنه جيد.

<<  <  ج: ص:  >  >>