للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال البيضاوي: والمنفي في قوله تعالى: {وَلا يُسْئَلُ عَنْ ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ} سؤال الاستعلام، أو الأول في موقف الحساب، وهذا عند نزول العقاب. هذا؛ وانظر (نا) في الآية التالية، والله أعلم بمراده، وأسرار كتابه.

الإعراب: {فَلَنَسْئَلَنَّ:} الفاء: حرف استئناف. اللام: واقعة في جواب قسم محذوف، التقدير: والله. (نسألن): مضارع مبني على الفتح لاتصاله بنون التوكيد الثقيلة التي هي حرف لا محل له، والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره: «نحن». {الَّذِينَ:} اسم موصول مبني على الفتح في محل نصب مفعول به. {أُرْسِلَ:} ماض مبني للمجهول. {إِلَيْهِمْ:} متعلقان بمحذوف في محل رفع نائب الفاعل، والجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها، والعائد الضمير المجرور محلاّ ب‍: (إلى) والجملة الفعلية: (لنسألن...) إلخ جواب القسم المحذوف المقدر، والقسم، وجوابه كلام مستأنف لا محل له. بعد هذا ينبغي أن تعلم أن الفعلين:

(نسأل، نرسل) ينصبان مفعولين، وقد حذف المفعول الثاني لكل منهما، انظر تقديره في الشرح؛ تجده جملة فعلية. {وَلَنَسْئَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ:} إعراب هذه كسابقتها، وهي معطوفة عليها.

{فَلَنَقُصَّنَّ عَلَيْهِمْ بِعِلْمٍ وَما كُنّا غائِبِينَ (٧)}

الشرح: {فَلَنَقُصَّنَّ عَلَيْهِمْ بِعِلْمٍ:} فلنخبرن الرسل، ومن أرسلوا إليهم بعلم، ويقين بما عملوا في الدنيا. {وَما كُنّا غائِبِينَ} يعني: عنهم، وعن أفعالهم، وعن الرسل فيما بلغوا، وعن الأمم فيما أجابوا. وفائدة سؤال الأمم والرسل-مع علمه سبحانه وتعالى بجميع المعلومات-التقريع، والتوبيخ للكفار؛ لأنهم إذا أقروا على أنفسهم؛ كان أبلغ في المقصود، فأما سؤال الاسترشاد، والاستثبات؛ فهو منفي عن الله تعالى؛ لأنه عالم بجميع الأشياء قبل كونها، وفي حال كونها، وبعد كونها، فهو العالم بالكليات، والجزئيات، وعلمه بظاهر الأشياء كعلمه بباطنها. انتهى خازن بحروفه.

تنبيه: قال ابن تيمية-رحمه الله تعالى-في كتابه: (الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح):

وقوله تعالى: (كتبنا، جعلنا، إنا، نحن نقص، نسأل) لفظ يقع في جميع اللغات على من كان له شركاء، وأمثال، وعلى الواحد المطاع العظيم، الذي له أعوان يطيعونه، وإن لم يكن له شركاء، ولا نظراء، والله تعالى خلق كل ما سواه، فيمتنع أن يكون له شريك، أو مثل، والملائكة وسائر العالمين جنوده، فإذا كان الواحد من الملوك يقول: إنا ونحن، وكتبنا وفعلنا... إلخ، ولا يريدون أنهم ثلاثة ملوك، فمالك الملك رب العالمين، ورب كل شيء، ومليكه هو أحق بأن يقول: إنا، ونحن... إلخ مع أنه ليس له شريك، ولا مثل، بل له جنود السموات، والأرض انتهى.

أقول: و (نا): تسمى نون العظمة، وليست دالة على الجماعة، فالله تعالى لا شريك له في ذاته، ولا في صفاته، ولا في أفعاله، وكثيرا ما يتكلم بها العبد، فيقول: أخذنا، وأعطينا... إلخ وليس معه أحد، وهذا واقع، ومستعمل.

<<  <  ج: ص:  >  >>