للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

محل نصب صفة: {عَذابَ النّارِ}. {كُنْتُمْ:} فعل ماض ناقص مبني على السكون، والتاء اسمه. {بِهِ:} جار ومجرور متعلقان بما بعدهما، وجملة: «تكذبون به» في محل نصب خبر:

(كان). وجملة: {كُنْتُمْ..}. إلخ صلة الموصول، لا محل لها. وجملة: {ذُوقُوا..}. إلخ في محل رفع نائب فاعل: (قيل)، وانظر ما ذكرته في الآية رقم [٢١] من سورة (لقمان)، وجملة:

{وَقِيلَ..}. إلخ معطوفة على جملة: {أُعِيدُوا فِيها} لا محل لها مثلها.

{وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذابِ الْأَدْنى دُونَ الْعَذابِ الْأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (٢١)}

الشرح: {وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذابِ الْأَدْنى} أي: عذاب الدنيا، يريد ما محنوا به من الجدب سبع سنين، والقتل، والأسر. وقال ابن عباس، وغيره: العذاب الأدنى: مصائب الدنيا، وأسقامها مما يبتلى به العبيد حتى يتوبوا، فعلى الأول هو خاص بأهل مكة، وعلى الثاني هو عام في جميع الناس إلى يوم القيامة، وهو الأولى، ولكن الناس في هذه الأيام، وما قبلها لا يتعظون بما ينزل بهم من أنواع البلاء؛ بل هم مستمرون في غيهم، ولا يرتدعون ولا ينزجرون؛ ولم يعلموا أن ما ينزل بهم من أنواع البلاء إنما هو بسبب أعمالهم السيئة. وخذ ما يلي:

فعن عبد الله بن عمر-رضي الله عنهما-قال: أقبل علينا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فقال: «يا معشر المهاجرين! خمس خصال إذا ابتليتم بهنّ-وأعوذ بالله أن تدركوهنّ-: لم تظهر الفاحشة في قوم قطّ؛ حتّى يعلنوا بها؛ إلاّ فشا فيهم الطاعون، والأوجاع التي لم تكن مضت في أسلافهم الّذين مضوا. ولم ينقصوا المكيال، والميزان؛ إلاّ أخذوا بالسّنين، وشدّة المئونة، وجور السلطان عليهم. ولم يمنعوا زكاة أموالهم؛ إلا منعوا القطر من السّماء، ولولا البهائم لم يمطروا. ولم ينقضوا عهد الله، وعهد رسوله؛ إلاّ سلّط الله عليهم عدوّا من غيرهم، فأخذوا بعض ما في أيديهم، وما لم تحكم أئمتهم بكتاب الله، ويتخيّروا فيما أنزل الله إلاّ جعل الله بأسهم بينهم». رواه ابن ماجة، والحاكم، والبيهقي. هذا؛ و {الْأَدْنى} هنا بمعنى الأصغر، أو: الأقرب، و {دُونَ} بمعنى: قبل هنا.

والعجب العجاب: أن كل إنسان يتألم لما أصاب المسلمين من ذل، وهوان، ويعترف: أن ما أصاب المسلمين في هذه الأيام إنما هو بسبب المعاصي، والمنكرات، والخروج عن طاعة الله. وأعجب من ذلك: أن كل واحد ينظر إلى أعمال غيره السيئة، ويتحرق غيظا، ويندب الإسلام لما هدم من تعاليمه، ولكنه غارق في الظلم، والمعاصي، وخائض في الباطل إلى حافة الأذقان، ولا ينظر إلى سوء أعماله، وقبيح أفعاله، ورحم الله الكميت؛ إذ يقول: [الطويل] كلام النّبيّين الهداة كلامنا... وأفعال أهل الجاهليّة نفعل

<<  <  ج: ص:  >  >>