للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالمال، فلا تعطوه. {وَيُخْرِجْ أَضْغانَكُمْ:} يعني بغضكم، وعداوتكم لشدة محبتكم للمال. قال قتادة-رحمه الله تعالى-: علم الله: أنّ الإحفاء بمسألة الأموال مخرج للأضغان. انتهى. وهذا من حيث محبة الأموال بالجبلة، والطبيعة، ومن نوزع في حبيبه ظهرت طويته؛ التي كان يسرها، ولا يصرف المال إلاّ فيما هو أحب إلى الشخص منه. هذا؛ والفعل يقرأ بالياء، والتاء، والنون، وانظر شرح (الضغن) في الاية رقم [٢٩] ولم يذكر في غير هذه السورة.

الإعراب: {إِنْ:} حرف شرط جازم. {يَسْئَلْكُمُوها:} فعل مضارع فعل الشرط، والفاعل يعود إلى (الله) أو إلى (الرسول)، والكاف مفعول به أول، والميم علامة جمع الذكور، فحركت بالضم لتحسين اللفظ، فتولدت واو الإشباع، و (ها): مفعول به ثان، والجملة الفعلية لا محلّ لها؛ لأنها ابتدائية، ويقال: لأنها جملة شرط غير ظرفي. {فَيُحْفِكُمْ:} الفاء: حرف عطف.

(يحفكم): مضارع معطوف على فعل الشرط مجزوم مثله، وعلامة جزمه حذف حرف العلة من آخره، وهو الياء، والكسرة قبلها دليل عليها، والفاعل تقديره: «هو» مثل سابقه، والكاف مفعول به. {تَبْخَلُوا:} مضارع جواب الشرط مجزوم، وعلامة جزمه حذف النون... إلخ، والواو فاعله، والألف للتفريق، والجملة الفعلية لا محلّ لها؛ لأنها جملة جواب الشرط، ولم تقترن بالفاء، ولا ب‍: «إذا» الفجائية. {وَيُخْرِجْ:} الواو: حرف عطف. (يخرج): معطوف على ما قبله، والفاعل يعود إلى ما عاد إليه ما قبله، أو إلى البخل المفهوم من تبخلوا ولعله أرجح.

وعلى قراءته بالنون؛ فالفاعل تقديره: «نحن»، و {أَضْغانَكُمْ:} مفعول به، وعلى قراءته بالتاء؛ فالفاعل: {أَضْغانَكُمْ}. هذا؛ ويجوز في هذه الاية ما جاز في الاية السابقة من أوجه الإعراب.

بقي أن تعرف: أنّه اتصل بالفعل (يسأل) ضميران منصوبان: ضمير خطاب، وضمير غيبة، والأول أعرف، فيجوز في مثل ذلك الفصل، والوصل أرجح، ومثل هذه الاية قوله تعالى في سورة (هود) على حبيبنا، وعليه ألف صلاة، وألف سلام: {أَنُلْزِمُكُمُوها} رقم [٢٨]. وأيضا قوله تعالى في سورة (البقرة): {فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللهُ} رقم [١٣٧] قال ابن مالك-رحمه الله تعالى-في ألفيته: [الرجز] صل أو افصل هاء سلنيه وما... أشبهه في كنته الخلف انتمى

{ها أَنْتُمْ هؤُلاءِ تُدْعَوْنَ لِتُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللهِ فَمِنْكُمْ مَنْ يَبْخَلُ وَمَنْ يَبْخَلْ فَإِنَّما يَبْخَلُ عَنْ نَفْسِهِ وَاللهُ الْغَنِيُّ وَأَنْتُمُ الْفُقَراءُ وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ ثُمَّ لا يَكُونُوا أَمْثالَكُمْ (٣٨)}

الشرح: {ها أَنْتُمْ هؤُلاءِ} أي: أنتم يا هؤلاء المخاطبون الموصوفون بما يذكر. {تُدْعَوْنَ لِتُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللهِ} أي: يطلب منكم أن تبذلوا المال في وجوه الخير، كلما دعاكم داع إلى

<<  <  ج: ص:  >  >>