للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال تعالى في سورة (إبراهيم) على نبينا، وعليه ألف صلاة، وألف سلام: {وَتَرَى الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ مُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفادِ}. {دَعَوْا هُنالِكَ ثُبُوراً} أي: هلاكا، يتمنون الهلاك، وينادونه، فيقولون: يا ثبوراه تعال، فهذا أوانك وحينك، وروي عن النبي صلّى الله عليه وسلّم أنه قال: «أوّل من يقوله إبليس، وذلك: أنّه أوّل من يكسى حلّة من النار، فتوضع على حاجبيه، ويسحبها من خلفه، وذرّيّته من خلفه، وهو يقول: واثبوراه». انتهى. قرطبي. هذا؛ وإعلال {دَعَوْا} مثل {تَوَلَّوْا} في الآية رقم [١٠٩] من سورة (الأنبياء)، وأصل {أُلْقُوا:} «ألقيوا» فحذفت الضمة التي على الياء للثقل، ثم حذفت الياء لالتقاء الساكنين، ثم قلبت كسرة القاف ضمة لمناسبة واو الجماعة.

الإعراب: {وَإِذا:} الواو: حرف عطف. (إذا): انظر الآية السابقة. {أُلْقُوا:} ماض مبني للمجهول مبني على الضم، والواو نائب فاعله، والألف للتفريق، والجملة الفعلية في محل جر بإضافة (إذا) إليها. {مِنْها:} متعلقان بمحذوف حال من {مَكاناً} كان صفة له، فلما قدم عليه صار حالا على القاعدة: «نعت النكرة إذا تقدم عليها صار حالا». {مَكاناً:} ظرف مكان متعلق بالفعل قبله، والأصل: في مكان، فلما حذف الجار انتصب على الظرفية. {ضَيِّقاً:} صفة {مَكاناً}. {مُقَرَّنِينَ:} حال من واو الجماعة منصوب، وعلامة نصبه الياء نيابة عن الفتحة؛ لأنه جمع مذكر سالم، والنون عوض عن التنوين في الاسم المفرد. {دَعَوْا:} ماض مبني على فتح مقدر على الألف المحذوفة لالتقائها ساكنة مع واو الجماعة التي هي فاعله، والألف للتفريق، والجملة الفعلية جواب إذا، لا محل لها، وإذا ومدخولها معطوف على مثله في الآية السابقة فهو في محل نصب صفة مثله، والضمير في منها عائد على {سَعِيراً} في الآية رقم [١١]، وانظر تأويله في الآية السابقة. {هُنالِكَ:} اسم إشارة مبني على السكون في محل نصب على الظرفية المكانية، متعلق بالفعل قبله، واللام للبعد، والكاف حرف خطاب لا محل له. {ثُبُوراً:}

مفعول مطلق، عامله محذوف، أي: ثبرنا ثبورا، قاله الزجاج: وقال أبو البقاء عامله: {دَعَوْا} من غير لفظه. وقيل: هو مفعول به للفعل قبله، وقيل: هو منادى، انظر الشرح.

{لا تَدْعُوا الْيَوْمَ ثُبُوراً واحِداً وَاُدْعُوا ثُبُوراً كَثِيراً (١٤)}

الشرح: {لا تَدْعُوا الْيَوْمَ ثُبُوراً واحِداً} أي: يقال لهم: لا تدعوا... إلخ. {وَادْعُوا ثُبُوراً:}

هلاكا. {كَثِيراً} أي: لأن عذابكم أنواع كثيرة، كل نوع منها ثبور لشدته، أو لأنه يتجدد على حد قوله تعالى: {كُلَّما نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْناهُمْ جُلُوداً غَيْرَها لِيَذُوقُوا الْعَذابَ} أو لأن العذاب لا ينقطع فهو في كل وقت ثبور. وقال القرطبي: وقال {ثُبُوراً} لأنه مصدر يقع للقليل والكثير، ولذلك لم يجمع، وهو كقولك: ضربته ضربا كثيرا، وقعد قعودا طويلا. ونزلت الآيات في ابن خطل وأصحابه.

<<  <  ج: ص:  >  >>