هذا؛ و (نا) في قوله تعالى: (فتحنا) (فجرنا) (إنا) ونحو ذلك، فقد قال ابن تيمية-رحمه الله تعالى-في كتابه: الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح: وقوله تعالى: (جعلنا، وهبنا، نحن، إنا) لفظ يقع في جميع اللغات على من له شركاء، وأمثال، وعلى الواحد العظيم المطاع؛ الذي له أعوان يطيعونه، وإن لم يكونوا له شركاء، ولا نظراء والله تعالى خلق كل ما سواه، فيمتنع أن يكون له شريك، أو مثل، والملائكة وسائر العالمين جنوده، فإذا كان الواحد من الملوك يقول:
فعلنا، وإنا، ونحن... إلخ، ولا يريدون: أنهم ثلاثة ملوك، فمالك الملك رب العالمين، ورب كل شيء ومليكه هو أحق أن يقول: فعلنا، ونحن، وإنا... إلخ، مع أنه ليس له تعالى شريك، ولا مثل، بل له جنود السموات والأرض. انتهى.
أقول: و (نا) هذه تسمى نون العظمة، وليست دالة على الجماعة، كما يزعم الملحدون، والكافرون، فالله تعالى لا شريك له في ذاته، ولا في صفاته، ولا في أفعاله، وكثيرا ما يتكلم بها العبد ذكرا كان، أو أنثى، فيقول: أخذنا، وأعطينا... إلخ، وليس معه أحد، والغاية من هذا الكلام الرد على النصارى الذين يدخلون الشبهة على السذج من المسلمين بأن الإله ثلاثة أقانيم: الأب، والابن، وروح القدس، ويدعمون شبهتهم بهذه الألفاظ الموجودة في القرآن، والتي ظاهرها يفيد الجمع.
الإعراب: {وَفَجَّرْنَا:} الواو: حرف عطف. (فجرنا): فعل، وفاعل. {الْأَرْضَ:} مفعول به.
{عُيُوناً:} تمييز، والجملة الفعلية معطوفة على ما قبلها، لا محل لها أيضا. {فَالْتَقَى:} (الفاء):
حرف عطف. (التقى): فعل ماض مبني على فتح مقدر على الألف للتعذر. {الْماءُ:} فاعله، والجملة الفعلية معطوفة على ما قبلها. {عَلى أَمْرٍ:} متعلقان بالفعل قبلهما، أو هما متعلقان بمحذوف حال من {الْماءُ}. {قَدْ:} حرف تحقيق يقرب الماضي من الحال. {قُدِرَ:} فعل ماض مبني للمجهول، ونائب الفاعل يعود إلى {أَمْرٍ،} والجملة الفعلية في محل جر صفة {أَمْرٍ}. {وَحَمَلْناهُ:} الواو: حرف عطف. (حملناه): فعل، وفاعل، ومفعول به، والجملة الفعلية معطوفة على ما قبلها. {عَلى ذاتِ:} متعلقان بما قبلهما، و {ذاتِ} مضاف، و {أَلْواحٍ:}
مضاف إليه. {وَدُسُرٍ:} الواو: حرف عطف. (دسر): معطوف على {أَلْواحٍ}.
{تَجْرِي بِأَعْيُنِنا جَزاءً لِمَنْ كانَ كُفِرَ (١٤) وَلَقَدْ تَرَكْناها آيَةً فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ (١٥)}
الشرح: {تَجْرِي} أي: تسير السفينة على وجه الماء. {بِأَعْيُنِنا:} بحفظنا، ورعايتنا. وقيل:
بمرأى منا. وانظر ما ذكرته في الاية رقم [٤٨] من سورة (الطور) ففيها الكفاية. {جَزاءً} أي:
فعلنا ذلك بنوح، وفعلنا بهم من العقاب ما فعلنا مجازاة، وثوابا لنوح عليه السّلام؛ لأنه كفر به وجحد أمره، و {كُفِرَ} بمعنى: جحد سعيه، ودعوته، ورسالته، وجعله الله مكفورا؛ لأن كل