للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{إِنَّهُ:} حرف مشبه بالفعل، والهاء اسمه. {الْحَقُّ:} خبر (إن). {مِنْ رَبِّنا:} جار ومجرور متعلقان بمحذوف حال من: {الْحَقُّ،} و (نا): ضمير متصل في محل جر بالإضافة، من إضافة اسم الفاعل لمفعوله، وفاعله مستتر فيه. هذا؛ وقد قال البيضاوي: الجملة الاسمية مستأنفة لبيان ما أوجب إيمانهم به، وقال في الجملة التالية: استئناف آخر للدلالة على أن إيمانهم به ليس مما أحدثوه حينئذ، وإنما هو أمر تقادم عهده لما رأوا ذكره في الكتاب المتقدمة، وكونهم على دين الإسلام، قبل نزول القرآن، أو تلاوته عليهم باعتقادهم صحته في الجملة، وهذا حل معنى، ولا يغير المحل الإعرابي الذي ذكرته للجملتين. {إِنّا:} حرف مشبه بالفعل، و (نا): اسمها.

{كُنّا:} فعل ماض ناقص مبني على السكون، و (نا): اسمه. {مِنْ قَبْلِهِ:} متعلقان بما بعدهما، والهاء ضمير متصل في محل جر بالإضافة. {مُسْلِمِينَ:} خبر كان منصوب، وعلامة نصبه الياء... إلخ، وجملة: {كُنّا..}. إلخ في محل رفع خبر (إنّ)، والجملة: {إِنَّهُ..}. إلخ فيها معنى التعليل لإيمانهم، وإن كانت في محل نصب مقول القول.

{أُولئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ بِما صَبَرُوا وَيَدْرَؤُنَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ وَمِمّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ (٥٤)}

الشرح: {أُولئِكَ:} الإشارة إلى الذين آمنوا من أهل الكتاب. {يُؤْتَوْنَ:} يعطون، ويوفون.

{أَجْرَهُمْ:} ثوابهم على إيمانهم، وعملهم. {مَرَّتَيْنِ:} مرة على إيمانهم بكتابهم الأول، ومرة على إيمانهم بالقرآن الكريم، فهو كقوله تعالى لهم في سورة (الحديد): {يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ}. وعن أبي موسى الأشعري-رضي الله عنه-قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «ثلاثة لهم أجران: رجل من أهل الكتاب، آمن بنبيّه، وآمن بمحمد صلّى الله عليه وسلّم، والعبد المملوك؛ إذا أدّى حقّ الله وحقّ مواليه، ورجل كانت عنده أمة يطؤها، فأدّبها، فأحسن تأديبها، وعلّمها، فأحسن تعليمها، ثمّ أعتقها، ثمّ تزوّجها، فله أجران». متفق عليه.

{بِما صَبَرُوا:} بصبرهم على الإيمان بالتوراة، أو الإنجيل، وصبرهم على الإيمان بالقرآن.

أو بصبرهم على الإيمان بالقرآن قبل نزوله، وبعد نزوله، أو بصبرهم على أذى المشركين، وأذى أهل الكتاب.

{وَيَدْرَؤُنَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ:} قال ابن عباس--رضي الله عنهما-: يدفعون بالعمل الصالح العمل السيئ، فيكون كقوله تعالى: {إِنَّ الْحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ} الآية رقم [١١٤] من سورة (هود) على نبينا، وعليه ألف صلاة، وألف سلام. وقال الحسن-رحمه الله تعالى-: (إذا حرموا؛ أعطوا، وإذا ظلموا؛ عفوا، وإذا قطعوا؛ وصلوا) فيكون كقوله تعالى: {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجاهِلِينَ} الآية رقم [١٩٩] من سورة (الأعراف). {وَمِمّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ} أي: قسما من أموالهم في وجوه الخير، وفي الطاعات.

<<  <  ج: ص:  >  >>