الإعراب:{إِنّا:}(إنّ): حرف مشبه بالفعل. و (نا): في محل نصب اسمها. {مَكَّنّا:}
فعل، وفاعل، ومفعوله محذوف، تقديره: أمره. {لَهُ فِي الْأَرْضِ:} متعلقان بالفعل قبلهما، وجملة:{مَكَّنّا..}. إلخ في محل رفع خبر (إنّ)، والجملة الاسمية مستأنفة، أو ابتدائية لا محل لها. {وَآتَيْناهُ:} فعل، وفاعل، ومفعول به أول، والجملة الفعلية معطوفة على ما قبلها فهي في محل رفع مثلها. {مِنْ كُلِّ:} متعلقان بالفعل قبلهما، أو هما متعلقان بمحذوف حال من {سَبَباً} كان صفة له... إلخ، و {كُلِّ:} مضاف، و {شَيْءٍ:} مضاف إليه. {سَبَباً:} مفعول به ثان.
{فَأَتْبَعَ:} ماض، والفاعل يعود إلى {ذِي الْقَرْنَيْنِ}. {سَبَباً:} مفعول به، والجملة الفعلية معطوفة على ما قبلها، فهي في محل رفع أيضا.
الشرح:{حَتّى إِذا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ} أي: سار ذو القرنين بجيشه في جهة المغرب التي تغرب فيها الشمس. {وَجَدَها تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ} أي: ذات حمأة، وهي الطينة السوداء، من:
حمئت البئر إذا صارت فيها الحمأة حامية، فعن أبي ذر الغفاري-رضي الله عنه-قال: كنت رديف رسول الله صلّى الله عليه وسلّم على جمل، فرأى الشمس حين غابت، فقال:«يا أبا ذرّ! أتدري أين تغرب هذه؟». قلت: الله ورسوله أعلم. قال:«فإنّها تغرب في عين حمئة».
وكان ابن عباس-رضي الله عنهما-عند معاوية، فقرأ معاوية: «(حامية)» فقال ابن عباس:
{حَمِئَةٍ} فقال معاوية لعبد الله بن عمر: كيف تقرؤها؟ فقال: كما يقرأ أمير المؤمنين، ثم وجه إلى كعب الأحبار: كيف تجد الشمس تغرب؟ قال: في ماء وطين، كذلك نجده في التوراة، فوافق قول ابن عباس-رضي الله عنهما-، ولا تنافي، فجاز أن تكون العين جامعة للوصفين جميعا. انتهى نسفي.
هذا؛ وقال القرطبي: ويجوز أن تكون (حامية) من الحمأة، فخففت الهمزة، وقلبت ياء، وقد يجمع بين القراءتين، فيقال: كان حارة، وذات حمأة. انتهى. هذا؛ وقال القفال: قال بعض العلماء: ليس المراد: أنه انتهى إلى الشمس مغربا، ومشرقا حتى وصل إلى جرمها، ومسّها؛ لأنه تدور مع السماء حول الأرض، من غير أن تلتصق بالأرض، وهي أعظم من أن تدخل في عين من عيون الأرض، بل هي أكبر من الأرض أضعافا مضاعفة، بل المراد: أنه انتهى إلى آخر العمارة من جهة المغرب، ومن جهة المشرق، فوجدها في رأي العين تغرب في عين حمئة، كما أنا نشاهدها في الأرض الملساء كأنها تدخل في الأرض، وكما أن راكب البحر يرى: أنّ الشمس كأنها تغيب في البحر. انتهى. وهو جيد. رحمه الله.