للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{الَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصّالِحاتِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ (٧)}

الشرح: {الَّذِينَ كَفَرُوا} أي: بالله، وعادوا نبيه. {لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ:} دائم، لا يعرف قدره، ولا يوصف هوله. {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصّالِحاتِ:} انظر الاحتراس في الآية رقم [٣٧] من سورة (سبأ)، ومقابلة الإيمان بالكفر في الآية رقم [٣٨] منها. {لَهُمْ مَغْفِرَةٌ:} لذنوبهم. {وَأَجْرٌ كَبِيرٌ:}

في الآخرة، وهو الجنة، وما فيها من النعيم المقيم؛ الذي لا ينفد. هذا؛ وفي الآية وعيد لمن أجاب الشيطان، واتبع زخارفه، ووساوسه، ووعد لمن خالفه، وقطع للأماني الفارغة، وبناء الأمر كله على الإيمان والعمل الصالح، وكونهما لا يفترقان.

الإعراب: {الَّذِينَ:} اسم موصول مبني على الفتح، وفي محله ثلاثة أوجه: أحدها: رفعه من وجهين: أقواهما: أن يكون مبتدأ، والجملة الاسمية بعده خبره. والأحسن: أن يكون {لَهُمْ} متعلقين بمحذوف خبره، و {عَذابٌ} فاعل بالجار والمجرور، أي بمتعلقهما، والثاني أنه بدل من واو الجماعة في: {لِيَكُونُوا}. والثاني: نصبه من أوجه: البدل من {حِزْبَهُ،} أو: النعت له، أو إضمار فعل ك‍: «أذمّ» ونحوه. والثالث: جره من وجهين: النعت، أو البدلية من {أَصْحابِ} وأحسن الوجوه الأول لمطابقة التقسيم، وجملة: {كَفَرُوا} مع المتعلق المحذوف صلة الموصول، لا محل لها. {لَهُمْ:} جار ومجرور متعلقان بمحذوف خبر مقدم. {عَذابٌ:} مبتدأ مؤخر. {شَدِيدٌ:}

صفة {عَذابٌ} والجملة الاسمية في محل رفع خبر المبتدأ، وانظر ما ذكرته من أوجه الإعراب السابقة. {وَالَّذِينَ:} معطوف على ما قبله على جميع الاعتبارات فيه، وجملة: {آمَنُوا} مع المتعلق المحذوف صلته، وجملة: {وَعَمِلُوا الصّالِحاتِ} معطوفة عليها، لا محل لها مثلها. وجملة:

{لَهُمْ مَغْفِرَةٌ:} قل فيها ما قلته من أوجه بجملة: {لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ}. {وَأَجْرٌ:} معطوف على (مغفرة). {كَبِيرٌ:} صفة: (أجر). تأمل، وتدبر، وربك أعلم، وأجل، وأكرم.

{أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَناً فَإِنَّ اللهَ يُضِلُّ مَنْ يَشاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشاءُ فَلا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَراتٍ إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ بِما يَصْنَعُونَ (٨)}

الشرح: قال ابن عباس-رضي الله عنهما-: نزلت الآية في أبي جهل، ومشركي مكة.

وقيل: نزلت في أصحاب الأهواء، والبدع، ومنهم الخوارج، الذين ظهروا في عهد الإمام علي، رضي الله عنه، والذين يستحلون دماء المسلمين، وأموالهم، وليس أصحاب الكبائر من الذنوب منهم؛ لأنهم لا يستحلون ما ذكر، ويعتقدون تحريمها، مع ارتكابهم إياها، ومعنى: {زُيِّنَ لَهُ:}

شبه له، وموه عليه قبيح عمله. انتهى. خازن، وغيره.

<<  <  ج: ص:  >  >>