للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الكمالات، فشكل ابن آدم أحسن الأشكال، بدليل: أن الإنسان لا يتمنى أن يكون على صورة من سائر الصور غير صورة البشر. ومن حسن صورته أن خلقه منتصبا غير منقلب على وجهه. فإن قيل: قد يوجد كثير من الناس مشوه الخلقة، مسمج الصورة. أجيب بأن صورة البشر من حيث هي أحسن سائر الصور، والسماجة، والتشوه، إنما هو بالنسبة لصورة أخرى أحسن منها، فلو قابلت بين الصورة المشوهة، وبين صورة الفرس، أو غيره من الحيوانات، لرأيت صورة البشر المشوهة أحسن. انتهى. جمل نقلا من الخطيب. قال الزمخشري: لم يخلق الله حيوانا أحسن صورة من الإنسان. انتهى. وصدق الله إذ يقول في سورة (التين): {لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ}. {وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ:} المرجع، والماب يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم، فأحسنوا سرائركم، كما أحسن الله صوركم، وأحسنوا أعمالكم، كما أحسن الله أشكالكم.

الإعراب: {خَلَقَ:} فعل ماض، والفاعل يعود إلى (الله) تقديره: «هو». {السَّماواتِ:}

مفعول به منصوب، وعلامة نصبه الكسرة نيابة عن الفتحة؛ لأنه ملحق بجمع المؤنث السالم، والجملة الفعلية مستأنفة، لا محل لها. {وَالْأَرْضَ:} معطوف على ما قبله.

{بِالْحَقِّ:} جار ومجرور متعلقان بمحذوف حال من الفاعل المستتر. {وَصَوَّرَكُمْ:} الواو:

حرف عطف. (صوركم): فعل ماض، والفاعل يعود إلى الله، والكاف مفعول به، والجملة الفعلية معطوفة على ما قبلها، لا محل لها مثلها. {فَأَحْسَنَ:} الفاء: حرف عطف. (أحسن):

فعل ماض، والفاعل يعود إلى (الله) أيضا، والجملة الفعلية معطوفة على ما قبلها، لا محل لها أيضا. (إليه): جار ومجرور متعلقان بمحذوف خبر مقدم. {الْمَصِيرُ:} مبتدأ مؤخر، والجملة الاسمية معطوفة على ما قبلها، لا محل لها أيضا، وإن اعتبرتها في محل نصب حال من الفاعل المستتر؛ فالمعنى لا يأباه، ويكون الرابط: الواو، والضمير.

{يَعْلَمُ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَيَعْلَمُ ما تُسِرُّونَ وَما تُعْلِنُونَ وَاللهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ (٤)}

الشرح: {يَعْلَمُ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ:} كل واحدة من هذه الثلاث أخص مما قبلها، وجمع بينها إشارة إلى أن علمه تعالى محيط بالجزئيات، والكليات، لا يعزب عنه شيء من الأشياء.

انتهى. جمل.

وقال النسفي: نبه بعلمه ما في السموات، والأرض، ثم بعلمه بما يسرّه العباد ويعلنونه، ثم بعلمه بذات الصدور: أن شيئا من الكليات والجزئيات غير خاف عليه، فحقه أن يتقى، ويحذر، ولا يجترأ على شيء مما يخالف رضاه، وتكرير العلم في معنى تكرير الوعيد، وكل ما ذكره بعد

<<  <  ج: ص:  >  >>