للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{وَما أَنْزَلْنا عَلى قَوْمِهِ مِنْ بَعْدِهِ مِنْ جُنْدٍ مِنَ السَّماءِ وَما كُنّا مُنْزِلِينَ (٢٨)}

الشرح: {وَما أَنْزَلْنا عَلى قَوْمِهِ مِنْ بَعْدِهِ مِنْ جُنْدٍ..}. إلخ: الضمير يعود إلى حبيب النجار الذي كان الكلام فيه، يخبر الله تعالى أنه انتقم لحبيب من قومه بعد قتلهم إياه، غضبا منه تبارك وتعالى عليهم؛ لأنهم كذبوا رسله، وقتلوا وليه. ويذكر الله عز وجل: أنه ما أنزل عليهم، وما احتاج في إهلاكه إياهم إلى إنزال جند من الملائكة عليهم؛ بل الأمر كان أيسر من ذلك.

قاله ابن مسعود، رضي الله عنه. انتهى. مختصر ابن كثير.

قال الزمخشري-رحمه الله تعالى-: فإن قلت: فلم أنزل الجنود من السماء يوم بدر، والخندق؟ فقال: {فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِيحاً وَجُنُوداً لَمْ تَرَوْها،} وقال جل ذكره: {مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُرْدِفِينَ}. وقال تعالت حكمته: {أَنْ يُمِدَّكُمْ رَبُّكُمْ بِثَلاثَةِ آلافٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُنْزَلِينَ}.

وقال تمت كلمته: {يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ آلافٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُسَوِّمِينَ؟}. الأولى من سورة (الأحزاب)، والثانية من سورة (الأنفال)، والثالثة، والرابعة من سورة (آل عمران).

قلت: إنما كان يكفي ملك واحد، فقد أهلكت مدائن قوم لوط بريشة من جناح جبريل، وبلاد ثمود، وقوم صالح بصيحة، ولكن الله فضل محمدا صلّى الله عليه وسلّم بكل شيء على سائر الأنبياء، وأولي العزم من الرسل، فضلا عن حبيب النجار، وأولاه من أسباب الكرامة، والإعزاز ما لم يوله أحدا، فمن ذلك: أنه أنزل له جنودا من السماء، وكأنه تعالى أشار بقوله: {وَما أَنْزَلْنا،} {وَما كُنّا مُنْزِلِينَ} إلى أن إنزال الجنود من عظائم الأمور التي لا يؤهّل لها إلا مثلك، وما كنا نفعل لغيرك يا محمد!. انتهى. بتصرف.

الإعراب: {وَما:} الواو: حرف استئناف. (ما): نافية. {أَنْزَلْنا:} فعل، وفاعل. {عَلى قَوْمِهِ:} جار ومجرور متعلقان بما قبلهما. {مِنْ بَعْدِهِ:} متعلقان بمحذوف حال من: {قَوْمِهِ} وهو أولى من تعليقهما بالفعل السابق، والهاء ضمير متصل في محل جر بالإضافة. {مِنْ:}

حرف جر صلة. {جُنْدٍ:} مفعول به منصوب، وعلامة نصبه فتحة مقدرة على آخره، منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة حرف الجر الزائد. {مِنَ السَّماءِ:} متعلقان بمحذوف صفة:

{جُنْدٍ،} والجملة الفعلية: {وَما أَنْزَلْنا..}. إلخ مستأنفة، لا محل لها. {وَما:} الواو: حرف عطف. (ما): نافية. {كُنّا:} فعل ماض ناقص مبني على السكون، و (نا): اسمه. {مُنْزِلِينَ:}

خبر كان منصوب، وعلامة نصبه الياء إلخ، والجملة الفعلية معطوفة على ما قبلها، لا محل لها مثلها، وأجاز كثيرون اعتبار (ما) الثانية صلة، والمعنى: قد كنا منزلين، وعليه فالجملة الفعلية في محل نصب حال، والرابط: الواو، والضمير. وقيل: (ما) بمعنى «الذي» معطوفة على: {جُنْدٍ،} وهو ضعيف معنى، وإعرابا. تأمل، وتدبر، وربك أعلم، وأجل، وأكرم.

<<  <  ج: ص:  >  >>