الإعراب:{بَلِ:} حرف إضراب. {اللهَ:} منصوب على التعظيم بفعل محذوف، أو بالفعل المذكور بعده. هذا؛ وقال ابن هشام في مغنيه: مسألة الفاء في نحو {بَلِ اللهَ فَاعْبُدْ} جواب ل: «أمّا» مقدرة عند بعضهم، وفيه إجحاف. وزائدة عند الفارسي، وجماعة، وفيه بعد. وعاطفة عند غيره، والأصل: تنبه، فاعبد الله، ثم حذف تنبه، وقدم المنصوب على الفاء إصلاحا للفظ، كيلا تقع صدرا، كما قال الجميع في الفاء في نحو:«أما زيدا فاضرب» إذ الأصل: مهما يكن من شيء؛ فاضرب زيدا. (اعبد): فعل أمر، وفاعله مستتر تقديره:«أنت»، والجملة الفعلية معطوفة على الجملة التي رأيت تقديرها، والكلام كله مستأنف، لا محل له. {وَكُنْ:} فعل أمر ناقص، واسمه ضمير مستتر تقديره:«أنت». {مِنَ الشّاكِرِينَ:} متعلقان بمحذوف خبر: (كن)، والجملة الفعلية معطوفة على ما قبلها.
الشرح:{وَما قَدَرُوا اللهَ حَقَّ قَدْرِهِ:} قال المبرد: ما عظموه حق عظمته، من قولك: فلان عظيم القدر. قال النحاس: والمعنى: على هذا: وما عظموه حق عظمته؛ إذا عبدوا معه غيره، وهو خالق الأشياء، ومالكها. هذا؛ والفعل:«قدر» يأتي من باب: ضرب، ونصر، وفرح، ولا تنس: أن هذه الجملة وردت في سورة (الأنعام) برقم [٩١]، ووردت في سورة (الحج) برقم [٧٤]، ووردت هنا كما ترى، وأذكر: أن آية (الأنعام) نزلت ردّا على اليهود الذين قالوا:
{ما أَنْزَلَ اللهُ عَلى بَشَرٍ مِنْ شَيْءٍ} والآيتان الأخريان نزلتا ردّا على كفار قريش الذين عبدوا مع الله أحقر خلقه. انظر شرح الآيتين في سورة (الأنعام) وسورة (الحج) تجد ما يسرك، ويثلج صدرك.
{وَالْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ:} قبض الأرض عبارة عن قدرته، وإحاطته بجميع مخلوقاته. يقال: ما فلان إلا في قبضتي، بمعنى: ما فلان إلا في قدرتي، والناس يقولون:
الأشياء في قبضته، يريدون: في ملكه، وقدرته. وقد يكون معنى القبض، والطي إفناء الشيء، وإذهابه، فيحتمل أن يكون المعنى هنا: والأرض جميعا ذاهبة فانية يوم القيامة، والمراد:
بالأرض: الأرضون السبع، يشهد لذلك شاهدان: قوله: {وَالْأَرْضُ جَمِيعاً} ولأن الموضع موضع تفخيم، وهو مقتض للمبالغة.
{وَالسَّماواتُ مَطْوِيّاتٌ بِيَمِينِهِ:} ليس يريد به طيّا بعلاج، وانتصاب، وإنما المراد بذلك:
الفناء، والذهاب. يقال: قد انطوى عنا ما كنا فيه وجاءنا غيره، وانطوى عنا دهر بمعنى: المضي، والذهاب. واليمين في كلام العرب قد تكون بمعنى: القدرة، والملك، ومنه قوله تعالى:{أَوْ ما}