الشرح:{قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ..}. إلخ: أي: قل يا محمد: أمرت بإخلاص العبادة لله وحده، لا شريك له. وإنما خص الله الرسول صلّى الله عليه وسلّم بهذا الأمر؛ لينبه على أن غيره بذلك أحق، فهو كالترغيب للغير، وانظر الإخلاص في الآية رقم [٣]. {وَأُمِرْتُ لِأَنْ أَكُونَ..}. إلخ أي: وأمرت أيضا بأن أكون أول المسلمين من هذه الأمة. قال القرطبي: وكذلك كان، فإنه أول من خالف دين آبائه، وخلع عبادة الأصنام، ثم حطمها، وأسلم وجهه لله، وآمن به، ودعا إليه. انتهى. قال الزمخشري -رحمه الله تعالى-: فإن قلت: كيف عطف (أمرت) على {أُمِرْتُ} وهما واحد؟ قلت: ليسا بواحد لاختلاف جهتيهما، وذلك: أن الأمر بالإخلاص، وتكليفه شيء، والأمر به ليحرز القائم به قصب السبق في الدين شيء، وإذا اختلف وجها الشيء؛ ينزل بذلك منزلة شيئين مختلفين.
هذا؛ والفعل «أمر» من الأفعال التي تنصب مفعولين، الثاني منهما مجرور بحرف جر في الغالب، وجاء منصوبا في الشعر، كقول عمرو بن معدي كرب الزبيدي:[البسيط]
أمرتك الخير فافعل ما أمرت به... فقد تركتك ذا مال وذا نشب
ومثله: استغفر، واختار، وكنى، وسمّى، ودعا، وزوّج، وكال، ووزن، قال الشاعر:[البسيط] أستغفر الله ذنبا لست محصيه... ربّ العباد، إليه الوجه والقبل
الإعراب:{قُلْ:} فعل أمر، وفاعله مستتر تقديره:«أنت». {إِنِّي:} حرف مشبه بالفعل، وياء المتكلم اسمها. {أُمِرْتُ:} فعل ماض مبني للمجهول مبني على السكون، والتاء نائب فاعله، و {أَنْ أَعْبُدَ اللهَ} في تأويل مصدر في محل نصب مفعول به ثان للفعل أمر، أو هو منصوب بنزع الخافض، أو هو في محل جر بحرف جر محذوف، التقدير: أمرت بعبادة الله، هذه الاعتبارات تجوز في الأفعال التي ذكرتها في الشرح، وهي منقولة عن سيبويه، وغيره من العلماء، وجملة:
{أُمِرْتُ..}. إلخ في محل رفع خبر (إنّ)، والجملة الاسمية في محل نصب مقول القول، وجملة:
{قُلْ..}. إلخ مستأنفة، لا محل لها. {مُخْلِصاً:} حال من الفاعل المستتر، وفاعله مستتر فيه، تقديره: أنا. {اللهَ:} جار ومجرور متعلقان به؛ لأنه اسم فاعل. {الدِّينَ:} مفعول به.
{وَأُمِرْتُ:} الواو: حرف عطف. {أُمِرْتُ:} ماض، ونائب فاعله. {لِأَنْ:} اللام: صلة مقحمة للتوكيد. {أَنْ:} حرف مصدري ونصب. {أَكُونَ:} فعل مضارع ناقص منصوب ب: أن، واسمه ضمير مستتر تقديره:«أنا». {أَوَّلَ:} خبره، و {أَوَّلَ} مضاف، و {الْمُسْلِمِينَ} مضاف إليه مجرور... إلخ، و (أن) والفعل في تأويل مصدر، قل فيه مثل الأول على اعتبار اللام زائدة، وطرحها من الكلام، وجملة:{وَأُمِرْتُ..}. إلخ معطوفة على ما قبلها، فهي في محل رفع مثلها. هذا؛ ولا يجوز