للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنّا أَحْلَلْنا لَكَ أَزْواجَكَ اللاّتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ وَما مَلَكَتْ يَمِينُكَ مِمّا أَفاءَ اللهُ عَلَيْكَ وَبَناتِ عَمِّكَ وَبَناتِ عَمّاتِكَ وَبَناتِ خالِكَ وَبَناتِ خالاتِكَ اللاّتِي هاجَرْنَ مَعَكَ وَاِمْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَها لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرادَ النَّبِيُّ أَنْ يَسْتَنْكِحَها خالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ قَدْ عَلِمْنا ما فَرَضْنا عَلَيْهِمْ فِي أَزْواجِهِمْ وَما مَلَكَتْ أَيْمانُهُمْ لِكَيْلا يَكُونَ عَلَيْكَ حَرَجٌ وَكانَ اللهُ غَفُوراً رَحِيماً (٥٠)}

الشرح: روى السدي عن أبي صالح، عن أم هانئ بنت أبي طالب-رضي الله عنها- قالت: خطبني رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فاعتذرت إليه، فعذرني، ثم أنزل الله تعالى: {إِنّا أَحْلَلْنا لَكَ..}.

إلخ ثم قالت: فلم أكن أحل له؛ لأني لم أهاجر، كنت من الطلقاء. خرجه أبو عيسى الترمذي.

وقال القرطبي: لما خير رسول الله صلّى الله عليه وسلّم نساءه فاخترنه، حرم عليه التزوج بغيرهن، والاستبدال بهن، مكافأة لهن على فعلهن، وأنزل الآية بعد التالية، ثم نسخ هذا التحريم، فأباح له أن يتزوج بمن شاء من النساء عليهن، وأنزل هذه الآية، وهي وإن كانت متقدمة في التلاوة، فهي متأخرة النزول. ويدل على صحته ما خرجه الترمذي عن عطاء قال: قالت عائشة-رضي الله عنها-: ما مات رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، حتى أحل الله تعالى له النساء. قال: هذا حديث حسن صحيح.

{اللاّتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ:} مهورهن؛ لأن المهر مقابل للانتفاع بالبضع بشرط إجراء العقد بين الزوجين بشروطه، وتوفر أركانه. {وَما مَلَكَتْ يَمِينُكَ} أي: من السراري. {مِمّا أَفاءَ اللهُ عَلَيْكَ} أي: رده الله عليك من الكفار من النساء بالمأخوذ على وجه القهر، والغلبة، مثل صفية، وريحانة؛ اللتين كانتا من اليهود.

{اللاّتِي هاجَرْنَ مَعَكَ:} فهذا شرط لحل قريباته له صلّى الله عليه وسلّم بدليل قوله تعالى: {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهاجِرُوا ما لَكُمْ مِنْ وَلايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ حَتّى يُهاجِرُوا}. ولا تنس أن الله جلت قدرته قد ذكر العم فردا والعمات جمعا. وكذلك الخال، والخالات؛ لأن العم، والخال في الإطلاق اسم جنس كالشاعر، والراجز، وليس كذلك العمة، والخالة، فجاء الكلام بغاية البيان لرفع الإشكال، وهذا معنى دقيق، فتأملوه، قاله ابن العربي. انتهى. قرطبي بتصرف كبير مني.

وقال الجمل-رحمه الله تعالى-: وقد سئل كثير عن حكمة إفراد العم، والخال دون العمة، والخالة، حتى إن السبكي صنف جزءا فيه، سماه: بذل الهمة في إفراد العم، وجمع العمة. وقد رأيت لهم فيه كلمات كلها ضعيفة، كقول الرازي: إن العم والخال على زنة المصدر، والمصدر يستوي فيه المفرد، والجمع، بخلاف العمة، والخالة. وقيل: إنهما يعمان إذا أضيفا، والعمة والخالة لا يعمان لتاء الوحدة انتهى. نقلا من الشهاب.

<<  <  ج: ص:  >  >>