للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأقام المضاف إليه مقامه، فيكون التقدير: يبلس إبلاس المجرمين. والجملة الفعلية مستأنفة، لا محل لها من الإعراب، ومثلها في إعرابها الآية رقم [٥٥] الآتية.

{وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ مِنْ شُرَكائِهِمْ شُفَعاءُ وَكانُوا بِشُرَكائِهِمْ كافِرِينَ (١٣)}

الشرح: {وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ مِنْ شُرَكائِهِمْ شُفَعاءُ:} يجيرونهم من عذاب الله. {وَكانُوا بِشُرَكائِهِمْ كافِرِينَ} أي: جاحدين متبرءين منها، وتتبرأ منهم. أو المعنى: كانوا في الدنيا كافرين بسببهم، وهذا التبرؤ بين العابدين، والمعبودين من دون الله، وبين التابعين، والمتبوعين نجده في كثير من آيات الله تعالى. والتعبير بالماضي عن المستقبل إنما هو لتحقق وقوعه، وهو كثير في آيات الله تعالى.

هذا وقد أطلق الله على الأصنام المعبودة من دون الله اسم الشركاء لأمرين: أحدهما: أن المشركين يشركونها مع الله في العبادة، والتعظيم، والتقديس، وثانيهما: أنهم يشركونها معهم في الأموال، والأنعام، والزروع. انظر الآية رقم [١٣٨] من سورة (الأنعام) وما بعدها؛ تجد ما يسرك، ويثلج صدرك.

هذا؛ و {شُفَعاءُ} جمع: شفيع، والشفاعة: التوسل، وابتغاء الخير، والذي يكون منه التوسل يسمى: الشفيع، والشفاعة تكون حسنة، وتكون سيئة، فالأولى هي التي روعي فيها حق مسلم، ودفع بها عنه شر، أو جلب إليه خير، وابتغي بها وجه الله، ولم تؤخذ عليها رشوة، وكانت في أمر جائز، لا في حد من حدود الله، ولا في حق من حقوق الناس. والسيئة ما كانت بخلاف ذلك. وقيل: الشفاعة الحسنة هي الدعوة للمسلم؛ لأنها في معنى الشفاعة إلى الله، فعن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: «من دعا لأخيه بظهر الغيب؛ استجيب له، وقال له الملك: ولك مثل ذلك».

فذلك هو النصيب الذي ذكره الله بقوله: {مَنْ يَشْفَعْ شَفاعَةً حَسَنَةً يَكُنْ لَهُ نَصِيبٌ مِنْها وَمَنْ يَشْفَعْ شَفاعَةً سَيِّئَةً يَكُنْ لَهُ كِفْلٌ مِنْها} رقم [٨٥] من سورة (النساء).

الإعراب: {وَلَمْ:} الواو: حرف استئناف. (لم): حرف نفي، وقلب، وجزم. {يَكُنْ:} فعل مضارع ناقص مجزوم ب‍: (لم). {لَهُمْ:} جار ومجرور متعلقان بمحذوف خبر {يَكُنْ} تقدم على اسمها. {مِنْ شُرَكائِهِمْ:} جار ومجرور متعلقان بمحذوف حال من الضمير المستتر في الخبر المحذوف، أو حال من: {شُفَعاءُ؛} لأنه صفة له في الأصل، والهاء ضمير متصل في محل جر بالإضافة. {شُفَعاءُ:} اسم {يَكُنْ} مؤخر. هذا؛ وإن اعتبرت {يَكُنْ} تاما ف‍: {شُفَعاءُ} فاعله، و {لَهُمْ} متعلقان بالفعل: {يَكُنْ،} و {مِنْ شُرَكائِهِمْ} متعلقان بمحذوف حال من {شُفَعاءُ،} كان صفة له، فلما قدم عليه صار حالا، والجملة الفعلية مستأنفة، أو هي معترضة بين الجملتين المتعاطفتين لا محل لها على الاعتبارين، وإن اعتبرتها في محل نصب حال من واو الجماعة؛ فلست مفندا، ويكون الرابط: الواو، والضمير. {وَكانُوا:} الواو: حرف عطف. (كانوا): فعل

<<  <  ج: ص:  >  >>