للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإعرابها مثلها، وانظر ما ذكرته في الشرح من الاحتباك، والجملة الاسمية: {إِنَّ اللهَ..}. إلخ لا محل لها؛ لأنها ابتدائية، أو مستأنفة.

هذا؛ ويقرأ برفع: «(ملائكته)»: فالكسائي يعطفه على اسم: {إِنَّ} باعتباره مبتدأ قبل دخولها عليه، والجمهور على أنه مبتدأ خبره محذوف، أو خبره المذكور بعده، وخبر: {إِنَّ} هو المحذوف، وجملة المبتدأ، والخبر معطوفة على جملة: {إِنَّ} واسمها، وخبرها، وبعض البصريين يقول بقول الكسائي؛ لأنهم لم يشترطوا المحرز، وهو قول الكوفيين عامة الذين لا يشترطون المحرز أيضا، ولكن شرط الفراء لصحة الرفع قبل مجيء الخبر خفاء إعراب الاسم لئلا يتنافر اللفظ، ولم يشترطه الكسائي. وقول الجمهور هو المعتمد، وهو أن خبر: {إِنَّ} محذوف، وجملة: {يُصَلُّونَ} خبر: (ملائكته). ولا يصح أن تكون خبر: {إِنَّ} لعدم الموافقة بالإفراد، والجمع، ومثل الآية الكريمة قول الشاعر: [الطويل] خليليّ هل طبّ فإنّي وأنتما... وإن لم تبوحا بالهوى دنفان

وهو الشاهد رقم [٨٥٧] من كتابنا فتح القريب المجيب، وانظر ما ذكرته في الآية رقم [٦٩] من سورة (المائدة) تجد ما يسرك، ويثلج صدرك.

{إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللهُ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذاباً مُهِيناً (٥٧)}

الشرح: اختلف العلماء في إذاية الله تعالى بماذا تكون؟ فقال الجمهور من العلماء: معناه بالكفر ونسبة الصاحبة، والولد، والشريك إليه، ووصفه بما لا يليق به، كقول اليهود لعنهم الله:

{وَقالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللهِ مَغْلُولَةٌ} الآية رقم [٦٤] من سورة (المائدة)، وكقول النصارى: {الْمَسِيحُ ابْنُ اللهِ}. وقول المشركين: الملائكة بنات الله، والأصنام شركاؤه. فقد أخرج البخاري -رحمه الله تعالى-عن أبي هريرة-رضي الله عنه-قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «يقول الله عز وجل: كذّبني ابن آدم، ولم يكن له، وشتمني، ولم يكن له ذلك؛ فأمّا تكذيبه إيّاي؛ فقوله: لن يعيدني؛ كما بدأني! وليس أول الخلق بأهون عليّ من إعادته. وأمّا شتمه إيّاي؛ فقوله: اتّخذ الله ولدا. وأنا الأحد الصمد، الذي لم يلد، ولم يولد، ولم يكن له كفوا أحد». وأخرج البخاري، ومسلم، وغيرهما عن أبي هريرة-رضي الله عنه-عن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: قال الله عز وجل: «يؤذيني ابن آدم، يسب الدّهر، وأنا الدّهر، بيدي الأمر، أقلّب اللّيل والنّهار».

معنى هذا الحديث: أنه كان من عادة العرب في الجاهلية أن يذموا الدهر، ويسبوه عند النوازل، لاعتقادهم: أن الذي يصيبهم من أفعال الدهر، فقال الله تعالى: «أنا الدهر» أي: أنا

<<  <  ج: ص:  >  >>