للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ما قبلهما، ثم أدغم الحرفان المتماثلان في بعضهما، ثم حذفت الهمزة من أولهما استغناء عنها بحركة الخاء والشين، وقد يستعمل: خير، وشر على الأصل كقراءة بعضهم قوله تعالى في سورة (القمر): (سيعملون غدا من الكذاب الأشرّ) بفتح الشين، ونحو قول رؤبة بن العجاج: [الرجز]

يا قاسم الخيرات وابن الأخير... ما ساسنا مثلك من مؤمّر

وخير، وشر، وحب يستعملن بصيغة واحدة للمذكر، والمؤنث، والمفرد، والمثنى، والجمع؛ لأنها بمعنى: أفعل كما رأيت. {نارٍ:} أصله: نور تحركت الواو، وانفتح ما قبلها، فقلبت ألفا، وهي من المؤنث المجازي، وقد تذكر، وتصغيرها: نويرة، والجمع: أنور، ونيران، ونيرة، ويكنى بها عن جهنم التي سيعذب الله بها الكافرين والفاسقين، والفعل: نار، ينور، يستعمل لازما، ومتعديا؛ إذا بدئ بهمزة التعدية، كما في قولك: أنارت الشمس الكون.

الإعراب: {قالَ:} فعل ماض، والفاعل يعود إلى إبليس. {أَنَا:} ضمير منفصل مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. {خَيْرٌ:} خبره. {مِنْهُ:} جار ومجرور متعلقان ب‍: {خَيْرٌ،} والجملة الاسمية في محل نصب مقول القول. {خَلَقْتَنِي:} فعل، وفاعل، ومفعول به، والنون للوقاية، والجملة الفعلية تعليل للخيرية، أو تفسير لها. {مِنْ نارٍ:} متعلقان بالفعل قبلهما، أو هما متعلقان بمحذوف حال من ياء المتكلم؛ أي: كائنا من نار، وجملة: {وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ} معطوفة على ما قبلها، وإعرابها مثلها بلا فارق.

{قالَ فَاخْرُجْ مِنْها فَإِنَّكَ رَجِيمٌ (٧٧) وَإِنَّ عَلَيْكَ لَعْنَتِي إِلى يَوْمِ الدِّينِ (٧٨)}

الشرح: {قالَ} أي: قال الله له. {فَاخْرُجْ مِنْها} أي: من السماء، أو من الجنة، أو من زمر الملائكة. وفي الكرخي: وقيل: اخرج من الخلقة التي كنت عليها أولا، وانسلخ منها؛ لأنه كان يفتخر بخلقته، فغير الله خلقته، فاسود بعد ما كان أبيض، وقبح بعد ما كان حسنا، وأظلم بعد ما كان نورانيا، وهذا يدل على أنه لم يكن كافرا حين كان بين الملائكة؛ لأن الله تعالى لم يحك عنه إلا الاستكبار عن السجود. فهذا دليل على: أنه صار كافرا حين لم يسجد. ذكره الطيبي.

وفي «تحفة العارفين» ما نصه: وكان إبليس رئيسا على اثني عشر ألف ملك، وكان له جناحان من زمرد أخضر، فلما طرد؛ غيرت صورته، وجعله الله منكوسا على مثال الخنازير، ووجهه كالقردة، وهو شيخ أعور كوسج، وفي لحيته سبع شعرات مثل شعر الفرس، وعيناه مشقوقتان في طول وجهه، وأنيابه خارجة كأنياب الخنازير، ورأسه كرأس البعير، وصدره كصدر الجمل الكبير، وشفتاه كشفتي الثور، ومنخراه مفتوحتان مثل كوز الحجام، والله أعلم. انتهى.

جمل بحروفه.

<<  <  ج: ص:  >  >>