الإعراب:{وَيُكَلِّمُ:} الواو: حرف عطف. ({يُكَلِّمُ}): فعل مضارع، والفاعل يعود إلى المسيح عيسى. {النّاسَ:} مفعول به، والجملة الفعلية معطوفة على:{وَجِيهاً} فهي في محل نصب حال مثله. {فِي الْمَهْدِ:} متعلقان بالفعل قبلهما، أو هما متعلقان بمحذوف حال من فاعله المستتر. {وَكَهْلاً:} معطوف على: {وَجِيهاً} أيضا. {وَمِنَ الصّالِحِينَ:} متعلقان بمحذوف معطوف على وجيها أيضا، التقدير: وكائنا من الصالحين.
الشرح:{قالَتْ:} قالت تخاطب جبريل الأمين. {رَبِّ:} يا رب! أي: يا سيدي، ومثله في سورة (يوسف) على نبينا، وعليه ألف صلاة، وألف سلام:«اذكرني عند ربّك، فأنساه الشّيطان ذكر ربّه» لأنه لمّا تمثل لها؛ قال لها:{قالَ إِنَّما أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلاماً زَكِيًّا} فلمّا سمعت ذلك منه ذلك؛ استفهمت عن طريق الولد، فقالت:{أَنّى يَكُونُ لِي وَلَدٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ} أي: بنكاح: {وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا} فروي: أن جبريل-عليه السّلام-حين قال لها:{كَذلِكِ اللهُ يَخْلُقُ ما يَشاءُ} وفي سورتها قال لها: {قالَ كَذلِكَ قالَ رَبُّكَ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ} نفخ في جيب درعها، وكمّها. قاله ابن جريج. وقال ابن عباس-رضي الله عنهما-: أخذ جبريل ردن قميصها بإصبعه.
فنفخ فيه، فحملت من ساعتها بعيسى. وقيل: غير ذلك. انظر ما ذكرته في سورتها. {وَإِذا قَضى أَمْراً} أي: إذا أراد إحكامه، وإتقانه، كما سبق في علمه. {فَإِنَّما يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} أي:
احدث، فيحدث، وليس المراد حقيقة أمر، بل هو تمثيل لما تعلقت به إرادته تعالى. بلا مهلة بطاعة المأمور، والمطيع بلا توقف. انتهى بيضاوي. قال الشاعر:[الطويل]
إذا ما أراد الله أمرا فإنّما... يقول له كن قولة فيكون
هذا؛ و {بَشَرٌ} يطلق على الإنسان ذكرا، أو أنثى، مفردا، أو جمعا، مثل كلمة:«الفلك» تطلق على المفرد، والجمع. وسمي بنو آدم بشرا؛ لبدوّ بشرتهم، وهي ظاهر الجلد، بخلاف أكثر المخلوقات فإنّها مكسوة بالشّعر، أو بالصوف، أو بالرّيش. هذا؛ و {بَشَرٌ} يطلق على المفرد، كما في قوله تعالى:{فَتَمَثَّلَ لَها بَشَراً سَوِيًّا} الآية رقم [١٧] من سورة (مريم) ولذا ثنّي في قوله تعالى: {فَقالُوا أَنُؤْمِنُ لِبَشَرَيْنِ مِثْلِنا} الآية رقم [٤٧] من سورة (المؤمنون). ويطلق على الجمع كما في قوله تعالى:{فَإِمّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَداً} رقم [٣٦] من سورة (مريم).
تنبيه: قال الشيخ أبو منصور-رحمه الله تعالى-: القضاء يحتمل الحكم، كقوله تعالى:
{لِيَقْضِيَ اللهُ أَمْراً كانَ مَفْعُولاً} أي: ليحكم ما قد علم: أنه يكون كائنا، أو ليتمّ أمرا كان قد أراده، وما أراد كونه؛ فهو مفعول لا محالة. انتهى. هذا؛ والماضي: قضى.