لا تأمننّ وإن أمسيت في حرم... حتّى تلاقي ما يمني لك الماني
أي: ما يقدر لك القادر، وفي هذا تنبيه على كمال قدرته جل شأنه؛ لأن النطفة شيء واحد، خلق الله منها أعضاء مختلفة، وطباعا متباينة، وخلق منها الذكر، والأنثى، وهذا من عجيب صنعته، وكمال قدرته. هذا؛ ولم تذكر كلمة {سُدىً} في غير هذه السورة، وانظر: إعلال {يَكُ} في سورة (المدثر) رقم [٤٣].
الإعراب:{أَيَحْسَبُ:} الهمزة: حرف استفهام إنكاري توبيخي. (يحسب الإنسان): فعل مضارع، وفاعله. {الْإِنْسانُ:} حرف مصدري، ونصب. {يُتْرَكَ:} فعل مضارع مبني للمجهول منصوب ب: (أن)، ونائب الفاعل مستتر تقديره:«هو»، يعود إلى الإنسان. {سُدىً:} حال من نائب الفاعل المستتر، أو هو مفعول به ثان ل:{يُتْرَكَ} فهو منصوب على الوجهين، وعلامة نصبه فتحة مقدرة على الألف المحذوفة لالتقاء الساكنين، والثابتة دليل عليها، وليست عينها، و {الْإِنْسانُ} والفعل المضارع في تأويل مصدر في محل نصب سد مسد مفعولي (يحسب)، والجملة الفعلية مستأنفة، لا محل لها. {أَلَمْ:} الهمزة: حرف استفهام وتقرير. (لم): حرف نفي، وقلب، وجزم. {يَكُ:} فعل مضارع ناقص مجزوم ب: (لم) وعلامة جزمه السكون على النون المحذوفة للتخفيف، واسمه ضمير مستتر تقديره: هو يعود إلى الإنسان. {نُطْفَةً:} خبر {يَكُ}. {مِنْ مَنِيٍّ:} جار ومجرور متعلقان بمحذوف صفة {نُطْفَةً}. {يُمْنى:} فعل مضارع مبني للمجهول مرفوع، وعلامة رفعه ضمة مقدرة على الألف للتعذر، ونائب الفاعل يعود إلى {مَنِيٍّ،} والجملة الفعلية في محل جر صفة {مَنِيٍّ،} والجملة الفعلية: {أَلَمْ يَكُ..}. إلخ قال الجمل فيها: هي استدلال على قوله سابقا: {بَلى قادِرِينَ عَلى أَنْ نُسَوِّيَ بَنانَهُ} وهو يفيد أنها تفسير لتلك الآية. هذا؛ ويقرأ: «(تمنى)» بتاء المضارعة، وعليه فنائب الفاعل يعود إلى {نُطْفَةً،} والجملة الفعلية في محل نصب صفة ثانية ل: {نُطْفَةً،} أو في محل نصب حال منها بعد وصفها بما تقدم.
الشرح:{ثُمَّ كانَ عَلَقَةً} أي: صار المني قطعة دم جامد بعد أربعين يوما من استقراره في الرحم، وفي سورة (الكهف) رقم [٣٧] قوله تعالى: {قالَ لَهُ صاحِبُهُ وَهُوَ يُحاوِرُهُ أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ سَوّاكَ رَجُلاً} وسواه تسوية، وعدله تعديلا بجعل الروح، وانظر ما ذكرته في الآية رقم [٥] من سورة (الحج)، وأيضا في سورة (المؤمنون) رقم [١٤] تجد ما يسرك، ويثلج صدرك. هذا؛ والخلق له معان: منها: الإيجاد، والإبداع، ولا موجد، ولا مبدع إلا الله تعالى.
ومنها التقدير. قال زهير بن أبي سلمى من قصيدة يمدح بها هرم بن سنان المري:[الكامل]
ولأنت تفري ما خلقت وبع... ض القوم يخلق ثمّ لا يفري