للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعند ما عدوا حروف الآية، وحروف البيت لم يجدوا بدّا من الاعتراف بفصاحة القرآن وبلاغته وإيجازه، وأين الثرى من الثريا؟.

الإعراب: {لا:} نافية. {يُسْئَلُ:} مضارع مبني للمجهول، ونائب الفاعل يعود إلى الله تعالى وهو المفعول الأول. {عَمّا:} متعلقان بالفعل قبلهما. وهما في محل نصب مفعوله الثاني، و (ما): تحتمل الموصولة، والموصوفة، والمصدرية، فعلى الأولين مبنية على السكون في محل جر ب‍: (عن)، والجملة بعدها صلتها، أو صفتها، والعائد، أو الرابط محذوف، التقدير: عن الذي، أو: عن شيء يفعله. وعلى اعتبارها مصدرية تؤول مع الفعل بعدها بمصدر في محل جر ب‍: (عن) التقدير: عن فعله، والجملة الفعلية مستأنفة لا محل لها. {وَهُمْ:} الواو: واو الحال.

(هم): ضمير منفصل مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. {يُسْئَلُونَ:} مضارع مبني للمجهول مرفوع... إلخ، والواو نائب فاعله، والمتعلق محذوف لدلالة ما قبله عليه، والجملة الفعلية في محل رفع خبر مبتدأ، والجملة الاسمية {وَهُمْ..}. إلخ في محل نصب حال من نائب الفاعل المستتر، والرابط: الواو فقط، وهو أولى من عطف الجملة الاسمية على الفعلية.

{أَمِ اِتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً قُلْ هاتُوا بُرْهانَكُمْ هذا ذِكْرُ مَنْ مَعِيَ وَذِكْرُ مَنْ قَبْلِي بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ الْحَقَّ فَهُمْ مُعْرِضُونَ (٢٤)}

الشرح: {أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً:} كرره استعظاما لكفرهم، واستفظاعا لأمرهم، وتبكيتا، وإظهارا لجهلهم، وقال النسفي: الإعادة لزيادة الإفادة، فالأول للإنكار عليهم من حيث العقل، والثاني من حيث النقل. انتهى. هذا؛ وفيه زيادة التوبيخ، والتقريع. {قُلْ هاتُوا بُرْهانَكُمْ} أي: حجتكم على تلك الآلهة؛ التي تعبدونها من دون الله. والخطاب للنبي صلّى الله عليه وسلّم. {هذا ذِكْرُ مَنْ مَعِيَ} أي: هذا القرآن فيه خبر من تبعني على ديني إلى يوم القيامة، وما لهم من الثواب على الطاعة، والعقاب على المعصية. {وَذِكْرُ مَنْ قَبْلِي} أي: فيه خبر من قبلي من الأمم السالفة، وما فعل بهم في الدنيا، وما يفعل بهم في الآخرة.

وقال ابن عباس-رضي الله عنهما-: {ذِكْرُ مَنْ مَعِيَ:} القرآن، {وَذِكْرُ مَنْ قَبْلِي} التوراة، والإنجيل. والمعنى: راجعوا القرآن، والتوراة، والإنجيل، وسائر الكتب هل تجدون فيها: أن الله اتخذ ولدا، أو كان معه آلهة. هذا؛ ويقرأ بتنوين «(ذكر)» وكسر ميم «(من)» في الموضعين، وبفتحها في الموضعين. {بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ الْحَقَّ} أي: القرآن وما فيه من المواعظ، والأحكام، ولا يميزون بينه وبين الباطل. {فَهُمْ مُعْرِضُونَ} أي: لعدم معرفتهم الحق، فهم معرضون عن الاهتداء به، والأخذ بتعاليمه. والله أعلم بمراده، وأسرار كتابه.

هذا؛ وذكر الأكثر إما لأن بعضهم لم يعرف الحق لنقصان عقله، أو التقصير في النظر، أو لم تقم عليه الحجة؛ لأنه لم يبلغ حد التكليف، أو لأنه يقام مقام الكل.

<<  <  ج: ص:  >  >>