للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قليلا من حيث لا يحتسبون، وذلك أن الله تعالى يفتح عليهم من أبواب النعم ما يغتبطون به، ويركنون إليه، ثم يأخذهم على غرتهم أغفل ما يكونون.

هذا؛ وأصل الاستدراج: الاستصعاد، أو الاستنزال درجة بعد درجة، قال الضحاك: المعنى كلما جددوا لنا معصية جددنا لهم نعمة، أي فيظنوا أن تواتر النعم لطف من الله تعالى بهم، فيزدادون بطرا وانهماكا في الضلال حتى يحق عليهم العذاب، وما أجدرك أن تنظر الآية رقم [/٤٤ ٦] هذا؛ وانظر (نا) في الآية رقم [٧]. ويقرأ: الفعل «(سيستدرجهم)» بياء المضارعة، فيكون فيه التفات من التكلم إلى الغيبة. انظر التفات في الآية رقم [٦/ ٦]. {حَيْثُ:} انظر الآية رقم [٢٧].

الإعراب: {وَالَّذِينَ:} الواو: حرف استئناف. (الذين): اسم موصول مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ، وجوز نصبه على الاشتغال بفعل محذوف، والمعتمد الأول، وجملة: {كَذَّبُوا بِآياتِنا} صلة الموصول لا محل لها. {سَنَسْتَدْرِجُهُمْ:} السين: حرف استقبال، ويقال: حرف تسويف. (نستدرجهم): مضارع، والفاعل مستتر تقديره: «نحن»، والهاء مفعول به. هذا؛ وعلى قراءة الفعل بالياء، يكون الفاعل مستترا تقديره هو، فيحتمل عوده إلى (الله)، وأن يكون ضمير التكذيب المفهوم من الفعل: {كَذَّبُوا،} والجملة الفعلية على جميع الوجوه في محل رفع خبر المبتدأ، ولا محل لها على الاشتغال، وقد رأيت ضعفه. {مِنْ حَيْثُ:} جار ومجرور متعلقان بما قبلهما، و {حَيْثُ:} مبني على الضم في محل جر، وجملة: {لا يَعْلَمُونَ} في محل جر بإضافة {حَيْثُ} إليها، ومفعول الفعل محذوف، التقدير: لا يعلمون: أنه استدراج، والجملة الاسمية: {وَالَّذِينَ..}. إلخ مستأنفة، لا محل لها.

{وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ (١٨٣)}

الشرح: {وَأُمْلِي لَهُمْ:} أمهلهم. والإملاء: الإمهال. {إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ:} إن أخذي شديد قوي. وإنما سماه كيدا؛ لأن ظاهره إحسان، وباطنه خذلان. وقال ابن عباس-رضي الله عنهما-: إن مكري شديد، وفي المختار: الكيد: المكر، وربنا جل علاه منزه عن المكر، والكيد، وإنما الكلام من باب المشاكلة، قيل: نزلت الآية والتي قبلها في المستهزءين من قريش. والمعتمد التعميم كما أسلفت. وانظر المشاكلة في الآية رقم [٣٠] (الأنفال).

الإعراب: {وَأُمْلِي:} مضارع مرفوع، وعلامة رفعه ضمة مقدرة على الياء للثقل، والفاعل مستتر تقديره: «أنا»، والجملة الفعلية مستأنفة، وقيل في محل رفع خبر مبتدأ محذوف، التقدير:

وأنا أملي، وعليه فالجملة اسمية، وهي مستأنفة أيضا. وجوز أبو البقاء عطفها على ما قبلها.

وهو غير وجيه لاختلاف تقدير الضميرين. {لَهُمْ:} جار ومجرور متعلقان بما قبلهما. {إِنَّ:}

حرف مشبه بالفعل. {كَيْدِي:} اسم: {إِنَّ} منصوب، وعلامة نصبه فتحة مقدرة على ما قبل

<<  <  ج: ص:  >  >>