للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتلك سنة الله في كتابه الكريم، حيث اقتضت حكمته تعالى، ورحمته، فلا يذكر التصديق من المؤمنين؛ إلا ويذكر التكذيب من الكافرين، ولا يذكر الإيمان؛ إلا ويذكر الكفر، ولا يذكر الجنّة؛ إلا ويذكر النار، ولا يذكر الرحمة؛ إلا ويذكر الغضب، والسّخط؛ ليكون المؤمن راغبا راهبا، راجيا خائفا. والله أعلم بمراده، وأسرار كتابه.

الإعراب: {وَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا:} انظر الآية السابقة. {الصّالِحاتِ:} مفعول به منصوب، وعلامة نصبه الكسرة نيابة عن الفتحة؛ لأنه جمع مؤنث سالم. {فَيُوَفِّيهِمْ:} الفاء:

واقعة في جواب ({أَمَّا}). (يوفيهم): فعل مضارع مرفوع، وعلامة رفعه ضمة مقدرة على الياء للثقل، والفاعل يعود إلى ({اللهُ}) تقديره: هو، والهاء مفعول به أول. {أُجُورَهُمْ:} مفعول به ثان، والهاء في محل جر بالإضافة، والجملة الفعلية في محل رفع خبر: {الَّذِينَ} أو هي في محل رفع خبر لمبتدإ محذوف، التقدير: فهو يوفيهم، والجملة الاسمية في محل رفع خبره، والجملة الاسمية: {الَّذِينَ..}. إلخ معطوفة على ما قبلها، لا محل لها مثلها. {وَاللهُ:} الواو: حرف استئناف. ({اللهُ}): مبتدأ. {لا:} نافية. {يُحِبُّ:} فعل مضارع، والفاعل يعود إلى: ({اللهُ}).

{الظّالِمِينَ:} مفعول به منصوب، وعلامة نصبه الياء... إلخ، والجملة الفعلية في محل رفع خبر المبتدأ، والجملة الاسمية: {وَاللهُ..}. إلخ مستأنفة، لا محل لها. هذا؛ وإن اعتبرتها في محل نصب حال من الفاعل المستتر بالفعل (يوفيهم) على تأويلها بظرف؛ ويكون المعنى: فيوفيهم أجورهم وقت كون الله لا يحبّ الظالمين، والرابط: الواو فقط، ومثل هذه الآية قول امرئ القيس-وهو الشاهد رقم [٨٤٥] من كتابنا: «فتح القريب المجيب» -وهاكه: [الطويل]

وقد أغتدي والطّير في وكناتها... بمنجرد قيد الأوابد هيكل

والآية الكريمة، والبيت مثل قوله تعالى في سورة (يوسف) على نبينا، وعليه ألف صلاة، وألف سلام: {قالُوا لَئِنْ أَكَلَهُ الذِّئْبُ وَنَحْنُ عُصْبَةٌ إِنّا إِذاً لَخاسِرُونَ}.

{ذلِكَ نَتْلُوهُ عَلَيْكَ مِنَ الْآياتِ وَالذِّكْرِ الْحَكِيمِ (٥٨)}

الشرح: {ذلِكَ..}. إلخ: الإشارة إلى ما ذكر من خبر عيسى، على نبينا، وعليه ألف صلاة، وألف سلام. {نَتْلُوهُ عَلَيْكَ:} نقرؤه، ونقصّه. والخطاب لسيد الخلق محمّد صلّى الله عليه وسلّم. {مِنَ الْآياتِ} أي: آيات القرآن. وقيل: المراد بالآيات: المعجزات، والعلامات الدّالة على صدقك، ونبوّتك يا محمد! لأنها أخبار، لا يعلمها إلا من يقرأ، أو يكتب، أو نبيّ يوحى إليه، وأنت أميّ لا تقرأ، ولا تكتب، فثبت: أنّ ذلك من الوحي السّماويّ؛ الذي أنزل عليك. انتهى خازن.

{وَالذِّكْرِ:} القرآن. {الْحَكِيمِ:} المحكم؛ أي: لا خلل فيه، ولا تناقض. وقيل: ذو الحكمة.

وقيل: الحاكم. أو: وصفه الله بالحكيم؛ لاشتماله على الحكم، أو: لأنه كلام حكيم، أو:

<<  <  ج: ص:  >  >>