للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تقول: فعل ماض مبني على فتح مقدر على آخره، منع من ظهوره اشتغال المحل بالضم الذي جيء به لمناسبة الواو، ويقال اختصارا: فعل وفاعل، والجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها، وجملة (عملوا) معطوفة عليها، لا محل لها مثلها. {الصّالِحاتِ}: مفعول به منصوب، وعلامة نصبه الكسرة نيابة عن الفتحة؛ لأنه جمع مؤنث سالم. {أُولئِكَ}: اسم إشارة مبني على الكسر في محل رفع مبتدأ، والكاف حرف خطاب لا محل له. {لَهُمْ}: متعلقان بمحذوف خبر مقدم. {مَغْفِرَةٌ}: مبتدأ مؤخر، والجملة الاسمية في محل رفع خبر: {أُولئِكَ،} والجملة الاسمية: {أُولئِكَ..}. إلخ مستأنفة على اعتبار {الَّذِينَ} منصوبا على الاستثناء، وفي محل رفع خبره على اعتباره مبتدأ، وتكون الجملة الاسمية في محل نصب حال مستثنى من عموم الأحوال، وهو منقطع بلا ريب. (أجر): معطوف على {مَغْفِرَةٌ}. {كَبِيرٌ}: صفته.

{فَلَعَلَّكَ تارِكٌ بَعْضَ ما يُوحى إِلَيْكَ وَضائِقٌ بِهِ صَدْرُكَ أَنْ يَقُولُوا لَوْلا أُنْزِلَ عَلَيْهِ كَنْزٌ أَوْ جاءَ مَعَهُ مَلَكٌ إِنَّما أَنْتَ نَذِيرٌ وَاللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ (١٢)}

الشرح: {فَلَعَلَّكَ تارِكٌ بَعْضَ ما يُوحى إِلَيْكَ}: الخطاب للنبي صلّى الله عليه وسلّم، والمعنى: لعلك يا محمد تترك بعض ما يوحى إليك من ربك أن تبلغه إلى الناس. {وَضائِقٌ بِهِ صَدْرُكَ} أي:

ويضيق صدرك بما يوحى إليك، فلا تبلغهم إياه، وذلك أن كفار مكة قالوا: ائت بقرآن غير هذا ليس فيه سب آلهتنا، فهمّ النبي صلّى الله عليه وسلّم أن يترك ذكر آلهتهم ظاهرا، فأنزل الله الآية الكريمة. وقيل:

إنهم لما قالوا: {لَوْلا أُنْزِلَ عَلَيْهِ كَنْزٌ أَوْ جاءَ مَعَهُ مَلَكٌ} همّ أن يدع سب آلهتهم، فنزلت الآية، {أَنْ يَقُولُوا لَوْلا أُنْزِلَ عَلَيْهِ كَنْزٌ} أي: مال كثير من ذهب. يستغني به، وينفقه على أتباعه الفقراء، وعلى غيرهم يستجلب به القلوب كما يفعل الملوك، والعظماء. {أَوْ جاءَ مَعَهُ مَلَكٌ} أي: من الملائكة يصدقه، ويشهد له، وقائل هذه المقالة هو عبد الله بن أبي أمية المخزومي، وإنك تجد ذلك مفصلا في سورة (الإسراء) و (الفرقان).

والمعنى: أنهم قالوا لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم: إن كنت صادقا في قولك بأنك رسول الله الذي تصفه بالقدرة على كل شيء، وأنت عزيز عنده مع أنك فقير؛ فهلا أنزل عليك ما تستغني به أنت وأصحابك، وهلا أنزل عليك ملكا من السماء يشهد لك بالرسالة والنبوة، فبين الله له: أنه نذير مقصور على الرسالة، وذلك بقوله: {إِنَّما أَنْتَ نَذِيرٌ} مخوف تخوف بالعقاب، من عصى الله وخالف أوامره، وكذلك تبشر بالثواب من آمن بك، وامتثل أمر الله فيما أمر ونهى، وحذف (بشير) اكتفاء ب‍ {نَذِيرٌ،} وكثيرا ما يذكر معه كما في الآية [٢] {وَاللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ}:

حافظ يحفظ أعمالهم وأقوالهم، فيجازيهم عليها يوم القيامة، إن خيرا فخير، وإن شرّا فشر. بعد هذا إعلال (ضائق) مثل إعلال (قائم) في الآية رقم [١٢] من سورة (يونس) عليه السّلام.

<<  <  ج: ص:  >  >>