للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الإعراب: {إِنَّ:} حرف مشبه بالفعل. {فِي السَّماواتِ:} جار ومجرور متعلقان بمحذوف خبر {إِنَّ}. مقدم. {وَالْأَرْضِ:} معطوف على ما قبله. {لَآياتٍ:} اللام: لام الابتداء. (آيات): اسم {إِنَّ}. مؤخر منصوب، وعلامة نصبه الكسرة نيابة عن الفتحة؛ لأنه جمع مؤنث سالم.

{لِلْمُؤْمِنِينَ:} متعلقان بمحذوف صفة: (آيات)، والجملة الاسمية: {إِنَّ..}. إلخ ابتدائية، أو مستأنفة، لا محلّ لها على الاعتبارين.

{وَفِي خَلْقِكُمْ وَما يَبُثُّ مِنْ دابَّةٍ آياتٌ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ (٤)}

الشرح: أي: وفي خلقكم أيها الناس من نطفة، ثم من علقة، ثم من مضغة، متقلبة في أطوار مختلفة إلى تمام الخلق، وفيما ينشره الله تعالى، ويفرقه من أنواع المخلوقات؛ التي تدب على وجه الأرض آيات باهرة، ودلالات واضحة أيضا لقوم يصدقون عن إذعان، ويقين بقدرة رب العالمين.

هذا؛ و {دابَّةٍ} تشمل كل ما يدب على وجه الأرض من إنسان، وحيوان، وطير، وهوام، وجمعها: دوابّ. هذا؛ وقال الجمل: وحاصل ما ذكر هنا من الدلائل ستة على ثلاث فواصل، الأولى: {لِلْمُؤْمِنِينَ،} الثانية: {يُوقِنُونَ،} الثالثة: {يَعْقِلُونَ} ووجه التغاير بينها: أن المنصف من نفسه إذا نظر في السموات، والأرض، وأنه لا بد لهما من صانع؛ آمن، وإذا نظر في خلق نفسه، ونحوها؛ ازداد إيمانا، فأيقن، وإذا نظر في سائر الحوادث؛ عقل، واستحكم علمه. وفي البيضاوي: ولعل اختلاف الفواصل الثلاث لاختلاف الآيات في الدقة، والظهور. انتهى.

فأظهرها السموات، والأرض، والنظر الصحيح فيها يفيد العلم بأنها مصنوعة لا بدّ لها من صانع، فيؤدي إلى الإيمان بالله، وأدق منها خلق الإنسان، وانتقاله من حال إلى حال، وخلق ما على الأرض من صنوف الحيوانات، من حيث إن التفكر فيها، وأحوالها يستلزم ملاحظة السموات والأرض، لكونها من أسباب تكون الحيوانات، وانتظام أحوالهم، ولما كانت هذه الآية أدق بالنسبة إلى الأولى، كان التفكر فيها مؤديا إلى مرتبة اليقين، وأدق منها سائر الحوادث المتجددة في كل وقت من نزول المطر، وحياة الأرض بعد موتها، وغير ذلك من حيث استقصاء النظر في أحوال هذه الحوادث يتوقف على ملاحظة السموات والأرض لكونها من أسباب هذه الحوادث ومحالها، وعلى ملاحظة الحيوانات المبثوثة على الأرض من حيث إن تجدد هذه الحوادث إنما هو لانتظام أحوالها، وتحقق أسباب معاشها، ولما كانت هذه أدق بالنسبة إلى الأوليين وكانت متجددة حينا فحينا بحيث تبعث على النظر والاعتبار كلما تجددت؛ كان النظر فيها مؤديا إلى استحكام العلم، وقوة اليقين، وذلك لا يكون إلاّ بالعقل الكامل. فظهر بهذا التقرير: أنّ المراد بالمؤمنين، والموقنين، والعاقلين من يؤول حالهم إلى هذه الأوصاف. انتهى.

جمل نقلا من زاده على البيضاوي.

<<  <  ج: ص:  >  >>