به، وخبر المبتدأ الذي هو (من) مختلف فيه، فقيل: جملة الشرط. وقيل: جملة الجواب.
وقيل: هو الجملتان، وهو المرجح عند المعاصرين. والجملة الاسمية: {وَمَنْ..}. إلخ مستأنفة، لا محل لها. {أَفَلا:} الهمزة: حرف استفهام، وتوبيخ. الفاء: حرف استئناف. (لا): نافية.
{يَعْقِلُونَ:} فعل مضارع مرفوع إلخ، والواو فاعله، والجملة الفعلية مستأنفة، لا محل لها.
{وَما عَلَّمْناهُ الشِّعْرَ وَما يَنْبَغِي لَهُ إِنْ هُوَ إِلاّ ذِكْرٌ وَقُرْآنٌ مُبِينٌ (٦٩)}
الشرح: {وَما عَلَّمْناهُ الشِّعْرَ:} الضمير منصوب مراد منه النبي صلّى الله عليه وسلّم. وفيه رد على كفار قريش الذين كانوا يقولون: إن محمدا شاعر، وإن القرآن شعر، والمعنى: وما علمنا محمدا صلّى الله عليه وسلّم قول الشعراء، أو وما علمناه بتعليم القرآن الشعر. على معنى: أن القرآن ليس بشعر، فالشعر:
كلام موزون مقفّى يدل على معنى، فأين الوزن وأين التقفية في القرآن الكريم؟ فلا مناسبة بينه، وبين الشعر في وجه من الوجوه؛ إذا تأملته وحققته.
{وَما يَنْبَغِي لَهُ} أي: وما يليق به، وما يصلح منه، ولا يسهل له ذلك لو أراد نظم الشعر، ولا يتأتى منه له ذلك، كما جعلناه أميا، لا يقرأ، ولا يكتب، لتكون الحجة أثبت، والشبهة أدحض، قال العلماء: ما كان يتزن له صلّى الله عليه وسلّم بيت شعر، وإن تمثل ببيت شعر جرى على لسانه منكسرا، كما روي عن الحسن البصري: أن النبي صلّى الله عليه وسلّم كان يتمثل بقول سحيم بن وثيل الرياحي، فيقول: [الطويل] كفى بالإسلام والشيب للمرء ناهيا
فقال الصديق-رضي الله عنه-: يا نبي الله إنما قال الشاعر: [الطويل] عميرة ودّع إن تجهّزت غازيا... كفى الشيب والإسلام للمرء ناهيا
فأعاد صلّى الله عليه وسلّم الشطر الثاني مثل قوله الأول، ففطن الصديق لذلك، وقال: أشهد أنك رسول الله، وصدق الله إذ يقول: {وَما عَلَّمْناهُ الشِّعْرَ..}. إلخ، وعن عائشة-رضي الله عنها-قالت: كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إذا استراب الخبر تمثل فيه ببيت طرفة: [الطويل] ... ... ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
أخرجه الإمام أحمد، والنسائي، والترمذي، وهو من معلقته رقم [١١١] وهو بتمامه كما يلي: [الطويل] ستبدي لك الأيّام ما كنت جاهلا... ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
هذا؛ وما ثبت من قوله صلّى الله عليه وسلّم يوم حنين، وهو راكب بغلته يتقدم بها في نحور العدو: [الرجز] أنا النبيّ لا كذب... أنا ابن عبد المطّلب