للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وثانيها: أن تقدير الآية: «لم يكن الذين كفروا منفكين عن كفرهم؛ وإن جاءتهم البينة».

وعلى هذا التقدير يزول الإشكال، إلا أن تفسير لفظة: «حتى» بهذا ليس من اللغة في شيء.

وذكر وجوها أخر، وقال: والمختار هو الأول.

الإعراب: {لَمْ:} حرف نفي، وقلب، وجزم. {يَكُنِ:} مضارع ناقص مجزوم ب‍: {لَمْ}.

{الَّذِينَ:} اسم موصول مبني على الفتح في محل رفع اسم (يكن). {كَفَرُوا:} فعل ماض مبني على الضم، والواو فاعله، والألف للتفريق، والمتعلق محذوف، التقدير: كفروا بالله، ورسوله، والجملة الفعلية صلة الموصول، لا محل لها. {مِنْ أَهْلِ:} متعلقان بمحذوف حال من واو الجماعة، و {أَهْلِ:} مضاف، و {الْكِتابِ:} مضاف إليه. {وَالْمُشْرِكِينَ:} الواو: حرف عطف.

(المشركين): معطوف على {أَهْلِ} مجرور مثله. {مُنْفَكِّينَ:} خبر {يَكُنِ} منصوب، وعلامة نصبه الياء... إلخ، وهو اسم فاعل ناقص واسمه ضمير مستتر فيه، والخبر محذوف. انظر تقديره في الشرح. وقيل: هو تام، فلا يحتاج لتقدير خبر. {حَتّى:} حرف غاية، وجر بعدها «أن» مضمرة. {تَأْتِيَهُمُ:} فعل مضارع منصوب ب‍: «أن» المضمرة، والهاء مفعول به. {الْبَيِّنَةُ:}

فاعله، و «أن» المضمرة والفعل المضارع في تأويل مصدر في محل جر ب‍: {حَتّى،} والجار، والمجرور متعلقان ب‍: {مُنْفَكِّينَ}.

{رَسُولٌ مِنَ اللهِ يَتْلُوا صُحُفاً مُطَهَّرَةً (٢) فِيها كُتُبٌ قَيِّمَةٌ (٣)}

الشرح: {رَسُولٌ مِنَ اللهِ} أي: البينة رسول مبعوث من الله، وهو محمد صلّى الله عليه وسلّم. {يَتْلُوا صُحُفاً مُطَهَّرَةً} أي: يقرأ الرسول صحفا مطهرة. قال ابن عباس-رضي الله عنهما-: أي: من الباطل، والكذب، والزور، والشك، والنفاق، والضلالة. فهو كقوله تعالى في سورة (عبس): {فِي صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ (١٣) مَرْفُوعَةٍ مُطَهَّرَةٍ (١٤) بِأَيْدِي سَفَرَةٍ (١٥) كِرامٍ بَرَرَةٍ} فتطهير الصحف كناية عن كونها ليس فيها باطل على الاستعارة المصرحة، أو المكنية. وقيل: {مُطَهَّرَةً} لا يمسها إلا المطهرون، كما في سورة (الواقعة) رقم [٧٩]. و (الكتب) بمعنى المكتوبات في القراطيس، فالقرآن يجمع ثمرة كتب الله المتقدمة عليه، والرسول صلّى الله عليه وسلّم، وإن كان أميا؛ لكنه لما تلا مثل ما في الصحف، كان كالتالي لها، فصح نسبة تلاوة الصحف إليه، وهو أمي لا يقرأ، ولا يكتب، ولا يقرأ من كتاب، وإنما يقرأ بالوحي عن ظهر قلب. قال الصاوي-رحمه الله تعالى-: المراد بالصحف: القراطيس؛ التي يكتب فيها القرآن، والمراد بالكتب: الأحكام المكتوبة فيها. انتهى. ومعنى {قَيِّمَةٌ} مستقيمة ناطقة بالحق، والعدل، معتدلة، لا إفراط فيها، ولا تفريط.

قال تعالى في سورة (الكهف) رقم [٢] في وصف القرآن الكريم: {قَيِّماً لِيُنْذِرَ بَأْساً شَدِيداً..}. إلخ. هذا؛ وأصل {قَيِّمَةٌ:} قيومة، فقلبت الواو ياء، ثم أدغمت الياء في الياء.

<<  <  ج: ص:  >  >>