للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مضاف إليه، من إضافة المصدر لفاعله. {لا:} نافية. {يُخْلِفُ:} فعل مضارع. {اللهِ:} فاعل.

{الْمِيعادَ:} مفعول به، والجملة الفعلية مستأنفة، لا محل لها.

{أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَسَلَكَهُ يَنابِيعَ فِي الْأَرْضِ ثُمَّ يُخْرِجُ بِهِ زَرْعاً مُخْتَلِفاً أَلْوانُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَراهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَجْعَلُهُ حُطاماً إِنَّ فِي ذلِكَ لَذِكْرى لِأُولِي الْأَلْبابِ (٢١)}

الشرح: {أَلَمْ تَرَ:} ألم تنظر أيها العاقل، وتعتبر؟! {أَنَّ اللهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً} أي: مطرا.

{فَسَلَكَهُ يَنابِيعَ فِي الْأَرْضِ:} أدخله عيونا، ومجاري كائنة فيها، أو مياها نابعات فيها. هذا؛ وقد قال تعالى في سورة (المؤمنون) رقم [١٨]: {وَأَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً بِقَدَرٍ فَأَسْكَنّاهُ فِي الْأَرْضِ وَإِنّا عَلى ذَهابٍ بِهِ لَقادِرُونَ،} وقال في سورة (الحجر) رقم [٢٢]: {وَأَرْسَلْنَا الرِّياحَ لَواقِحَ فَأَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَسْقَيْناكُمُوهُ وَما أَنْتُمْ لَهُ بِخازِنِينَ} و {يَنابِيعَ} جمع: ينبوع، وفي سورة (الإسراء) رقم [٩٠]:

{حَتّى تَفْجُرَ لَنا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعاً} وهو: «يفعول» من نبع، ينبع بتثليث عين المضارع. {ثُمَّ يُخْرِجُ بِهِ زَرْعاً مُخْتَلِفاً أَلْوانُهُ} أي: زروعا شتى لها ألوان مختلفة: حمرة، وصفرة، وزرقة، وخضرة. وقال البيضاوي: أصناف الزرع من بر، وشعير، وذرة، وعدس... إلخ. {ثُمَّ يَهِيجُ:} يتم جفافه؛ لأنه إذا تم جفافه حان له أن يثور عن منبته. {فَتَراهُ} أيها الناظر إليه. {مُصْفَرًّا:} من شدة يبسه.

{ثُمَّ يَجْعَلُهُ حُطاماً} أي: فتاتا متكسرا، من: تحطم العود: إذا تفتت من اليبس، والعدول إلى المضارع في هذه الأفعال عن الماضي، كما يقتضيه أسلوب العطف لاستحضار الصور البديعة.

{إِنَّ فِي ذلِكَ} أي: المذكور من الأفعال الخمسة في هذه الآية أولها: {أَنْزَلَ}. {الْآياتِ:} لعبر، وعظات. {لِأُولِي الْأَلْبابِ:} لأصحاب العقول السليمة، والفطر المستقيمة.

قال الزمخشري: يجوز أن يكون مثلا للدنيا، كقوله تعالى: {إِنَّما مَثَلُ الْحَياةِ الدُّنْيا..}. إلخ الآية رقم [٢٤] من سورة (يونس) على نبينا، وعليه ألف صلاة، وألف سلام، وقوله تعالى:

{وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلَ الْحَياةِ الدُّنْيا..}. إلخ الآية رقم [٤٥] من سورة (الكهف). قال ابن كثير-رحمه الله تعالى-بعد قوله تعالى: {إِنَّ فِي ذلِكَ لَذِكْرى لِأُولِي الْأَلْبابِ} أي: الذين يتذكرون بهذا، فيعتبرون إلى أن هذه الدنيا هكذا، تكون خضرة ناضرة حسناء، ثم تعود عجوزا شوهاء، والشاب يعود شيخا هرما، كبيرا ضعيفا، وبعد ذلك كله الموت، فالسعيد من كان حاله بعده إلى خير. هذا؛ وانظر شرح ثم في الآية رقم [٦٥] من سورة (الصافات).

هذا؛ وأغرب القرطبي-رحمه الله تعالى-حيث قال: وقيل: هو مثل ضربه الله للقرآن، ولصدور من في الأرض؛ أي: نزله من السماء قرآنا، فسلكه في قلوب المؤمنين، {ثُمَّ يُخْرِجُ بِهِ زَرْعاً}

<<  <  ج: ص:  >  >>