للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مُخْتَلِفاً أَلْوانُهُ أي: دينا مختلفا بعضه أفضل من بعض، فأما المؤمن؛ فيزداد إيمانا، ويقينا، وأما الذي في قلبه مرض؛ فإنه يهيج كما يهيج الزرع. انتهى. وهذا لا يتفق مع صريح الآية أبدا.

هذا؛ وصريح قوله تعالى: {أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً} يدل دلالة واضحة على أن المطر إنما هو من خزائن الله في السماء، وكان العرب في الجاهلية، ومثلهم العصريون في هذا الزمن يعتقدون: أن الغيوم تدنو من البحر الملح في أماكن مخصوصة فتمتد منها خراطيم عظيمة كخراطيم الفيلة، فتشرب من مائه، فيسمع لها عند ذلك صوت مزعج، ثم تصعد إلى الجو، وترتفع، فيلطف ذلك الماء، ويعذب بإذن الله في زمن صعودها، ثم تمطره حيث شاء الله تعالى. خذ قول أبي ذؤيب الهذلي يصف السحاب على اعتقاد العرب، وهو الشاهد (٤٧٢) من كتابنا: «فتح رب البرية»: [الطويل]

شربن بماء البحر، ثمّ ترفّعت... متى لجج خضر لهنّ نئيج

هذا؛ وأصل ماء: (موه) بفتح الميم، والواو، تحركت الواو، وانفتح ما قبلها، فقلبت ألفا، فصار (ماه) فلما اجتمعت الألف، والهاء-وكلاهما خفي-قلبت الهاء همزة. ودليل ذلك: أن جمع ماء: أمواه ومياه، وتصغيره: مويه، وأصل ياء مياه: واو، لكنها قلبت ياء لانكسار ما قبلها في جمع أعلت في مفرده، كما قالوا: دار، وديار، وقيمة، وقيم، ومثله قولهم: سوط، وسياط، وحوض، وحياض، وثوب، وثياب، وثور، وثيرة، ويقال في تعريف الماء: هو جسم رقيق مائع به حياة كل نام. وقيل في حدّه: جوهر سيال به قوام الأرواح.

هذا؛ والسماء يذكر، ويؤنث، والسماء كل ما علاك، فأظلك، ومنه قليل لسقف البيت: سماء، والسماء يطلق على المطر، يقال: ما زلنا نطأ السماء؛ حتى أتيناكم، قال معاوية بن مالك: [الوافر]

إذا نزل السماء بأرض قوم... رعيناه، وإن كانوا غضابا

أراد بالسماء: المطر، ثم أعاد عليه الضمير في: رعيناه بمعنى: النبات، وهذا يسمى في فن البديع بالاستخدام، وأصل سماء: سماو، فيقال في إعلاله: تحركت الواو، وانفتح ما قبلها، فقلبت ألفا، ولم يعتد بالألف الزائدة؛ لأنها حاجز غير حصين، فالتقى ساكنان: الألف الزائدة، والألف المنقلبة، فأبدلت الثانية همزة.

الإعراب: {أَلَمْ:} الهمزة: حرف استفهام وتقرير. (لم): حرف نفي، وقلب، وجزم.

{تَرَ:} فعل مضارع مجزوم ب‍: (لم) وعلامة جزمه حذف حرف العلة من آخره، وهو الألف والفتحة قبلها دليل عليها، والفاعل مستتر تقديره: «أنت». {أَنَّ:} حرف مشبه بالفعل. {اللهَ:}

اسمها. {أَنْزَلَ:} فعل ماض، والفاعل يعود إلى: {اللهَ}. {مِنَ السَّماءِ:} متعلقان بالفعل قبلهما، أو هما متعلقان بمحذوف حال من: (ماء) كان صفة له.. إلخ. {السَّماءِ:} مفعول به، وجملة: {أَنْزَلَ..}. إلخ في محل رفع خبر {أَنَّ،} و {أَنَّ} واسمها، وخبرها في تأويل مصدر في

<<  <  ج: ص:  >  >>