للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الجملة، وأرى أنّ مضمون الجار والمجرور مبتدأ، و {مَنْ} هي الخبر لأنّ {مَنْ} الجارة دالة على التبعيض؛ أي: فبعضهم الذي هداه الله، وجمع الضمير يؤيد ذلك، ولا استبعاد في وقوع الظرف بتأويل معناه مبتدأ، يرشدك إلى ذلك قوله تعالى في سورة (آل عمران): {مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفاسِقُونَ} فعطف (أكثرهم) على {فَمِنْهُمْ} ومقابلته به يؤيد أن معناه بعضهم، وخذ قول الحماسي: [الكامل]

منهم ليوث لا ترام، وبعضهم... ممّا قمشت، وضمّ حبل الحاطب

حيث قابل لفظة: «منهم» بما هو مبتدأ، أعني لفظة: «بعضهم» وهذا ممّا يدل على أنّ مضمون «منهم» مبتدأ. هذا؛ و «ليوث» جمع: ليث، وهو الأسد. لا ترام: لا تقصد بسوء. قمشت: جمعت من هنا، وهناك، والمراد: رذالة الناس، والقمش: الرديء من كل شيء، ولا يخفى عليك إعراب ما بعدها.

{فَسِيرُوا:} الفاء: حرف استئناف، أو هي الفصيحة؛ لأنها تفصح عن شرط مقدر، التقدير:

إن أردتم الاهتداء، والاستدلال على الطريقة المثلى؛ فسيروا... إلخ. (سيروا): أمر، والواو فاعله، والألف للتفريق. {فِي الْأَرْضِ:} متعلقان به، والجملة الفعلية مستأنفة، لا محل لها.

{فَانْظُرُوا:} الفاء: حرف عطف. (انظروا): أمر، وفاعله، والألف للتفريق. {كَيْفَ:} اسم استفهام مبني على الفتح في محل نصب خبر {كانَ،} تقدم عليها وعلى اسمها. {كانَ:}

ماض ناقص. {عاقِبَةُ:} اسم {كانَ،} وهو مضاف، و {الْمُكَذِّبِينَ} مضاف إليه مجرور، وعلامة جره الياء نيابة عن الكسرة؛ لأنه جمع مذكر سالم، والنون عوض عن التنوين في الاسم المفرد، وجملة: {كَيْفَ كانَ..}. إلخ في محل نصب مفعول به للفعل قبله، والمعلق عن العمل لفظا بسبب الاستفهام، وجملة: {فَانْظُرُوا..}. إلخ معطوفة على ما قبلها لا محل لها مثلها. هذا؛ وأجيز اعتبار {كانَ} تامة، فاعلها {عاقِبَةُ،} فتكون {كَيْفَ} في محل نصب حال من {عاقِبَةُ،} والعامل فيها {كانَ،} ولم تؤنث {كانَ؛} لأن عاقبة مؤنث مجازي.

{إِنْ تَحْرِصْ عَلى هُداهُمْ فَإِنَّ اللهَ لا يَهْدِي مَنْ يُضِلُّ وَما لَهُمْ مِنْ ناصِرِينَ (٣٧)}

الشرح: {إِنْ تَحْرِصْ عَلى هُداهُمْ:} هذا خطاب للرسول صلّى الله عليه وسلّم، والمعنى: إن تحرص يا محمد على هداية هؤلاء، وإيمانهم، فالهداية بيد الله لا بيدك، فإن الله يهدي من يشاء، ويضل من يشاء إضلاله. {وَما لَهُمْ مِنْ ناصِرِينَ} أي: مانعين يمنعونهم من العذاب. هذا؛ ويقرأ: {لا يَهْدِي} بالبناء للفاعل، ومعناه واضح، ويقرأ بالبناء للمفعول على معنى: من أضله الله لم يهده هاد، على حدّ قوله تعالى: {مَنْ يُضْلِلِ اللهُ فَلا هادِيَ لَهُ،} وقرئ: {يُضِلُّ} بضم الياء من الرباعي،

<<  <  ج: ص:  >  >>