للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلامٌ وَأَعَدَّ لَهُمْ أَجْراً كَرِيماً (٤٤)}

الشرح: {تَحِيَّتُهُمْ:} تحية المؤمنين بعضهم لبعض، أو هذه التحية من الله لهم، أو هي من الملائكة لهم، كما قال تعالى في سورة (الرعد): {وَالْمَلائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بابٍ (٢٣) سَلامٌ عَلَيْكُمْ بِما صَبَرْتُمْ..}. إلخ. {يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ} أي: يوم يلقون الله عند الموت، أو عند الخروج من القبر، أو عند دخول الجنة. وقيل: يوم يلقون ملك الموت، وقد ورد: أنه لا يقبض روح مؤمن، ومؤمنة إلا سلم عليه، وعليها. روي عن البراء بن عازب-رضي الله عنه-قال: {تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلامٌ} فيسلم ملك الموت على المؤمن عند قبض روحه، لا يقبض روحه حتى يسلم عليه. {سَلامٌ} أي: يقولون:

سلامة لنا ولكم من عذاب الله، أو يقول الله أو الملائكة لهم حسبما رأيت، و {سَلامٌ} اسم مصدر مثل (عذاب) في الآية رقم [٧] من سورة (لقمان). {وَأَعَدَّ لَهُمْ أَجْراً كَرِيماً} هو الجنة، وما فيها من النعيم المقيم، وانظر ما ذكرته في الآية رقم [٥٨] من سورة (يس).

هذا؛ والتحية: مصدر «حيّاه» الله بتشديد الياء، وأصل معناه: الدعاء له بالحياة، ثم عم في كل كلام يلقيه بعض الناس على بعض بقصد الدعاء، كقولهم: أبيت اللعن، و: أنعموا صباحا، أو مساء، أو نحو ذلك، ثم خصته الشريعة الإسلامية بكلام معين، وهو قول القائل: السّلام عليكم.

الإعراب: {تَحِيَّتُهُمْ:} مبتدأ، والهاء ضمير متصل في محل جر بالإضافة، من إضافة المصدر لفاعله، أو لمفعوله، حسبما رأيت في الشرح. {يَوْمَ:} ظرف زمان متعلق بالمصدر (تحية). وقيل: متعلق بمحذوف حال، ولا وجه له. {يَلْقَوْنَهُ:} مضارع مرفوع، وعلامة رفعه ثبوت النون... إلخ، والواو فاعله، والهاء مفعوله، والجملة الفعلية في محل جر بإضافة (يوم) إليها. {سَلامٌ:} خبر المبتدأ، والجملة الاسمية مستأنفة، لا محل لها، أو هي في محل نصب حال من الضمير المستتر في المؤمنين، والرابط: الضمير فقط، والأول أقوى. {وَأَعَدَّ:} الواو:

حرف استئناف. (أعد): فعل ماض، والفاعل يعود إلى (الله). {لَهُمْ:} جار ومجرور متعلقان بالفعل قبلهما. {أَجْراً:} مفعول به. {كَرِيماً:} صفة: {أَجْراً،} والجملة الفعلية: {وَأَعَدَّ..}. إلخ مستأنفة، لا محل لها، أو هي في محل نصب حال من الضمير المنصوب، والرابط: الواو، والضمير، وهي على تقدير: «قد» قبلها. تأمل، وتدبر، وربك أعلم، وأجل، وأكرم.

{يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنّا أَرْسَلْناكَ شاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً (٤٥)}

الشرح: {يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنّا أَرْسَلْناكَ شاهِداً:} على من بعثت إليهم بتصديقهم، وتكذيبهم، ونجاتهم وضلالهم؛ لتترقب أحوالهم، وتشاهد أعمالهم، وتتحمل الشهادة على ما صدر عنهم،

<<  <  ج: ص:  >  >>