سورة (الزمر) ويقال: سورة الغرف. قال وهب بن منبه: من أحب أن يعرف قضاء الله عز وجل في خلقه؛ فليقرأ سورة الغرف. وهي مكية في قول الحسن، وعكرمة، وجابر بن زيد-رضي الله عنهم-. وقال ابن عباس-رضي الله عنهما-: إلا آيتين نزلتا بالمدينة، إحداهما:{اللهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ..}. إلخ رقم [٢٣]، والأخرى من قوله تعالى:{قُلْ يا عِبادِيَ الَّذِينَ..}. إلخ. روى الترمذي عن عائشة-رضي الله عنها-قالت: كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم لا ينام حتى يقرأ الزمر، وبني إسرائيل.
وهي خمس وسبعون. وقيل: اثنتان وسبعون آية، وهي ألف ومئة واثنتان وسبعون كلمة، وأربعة آلاف وتسعمئة وثمانية أحرف. انتهى. قرطبي، وخازن بتصرف. هذا؛ وسميت سورة (الزمر)؛ لأن الله تعالى ذكر فيها زمرة السعداء من أهل الجنة، وزمرة الأشقياء من أهل النار، أولئك مع الإجلال، والإكبار، وهؤلاء مع الهوان، والصغار. وسميت سورة الغرف لقوله تعالى في الآية رقم [٢٠]{لكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ غُرَفٌ مِنْ فَوْقِها غُرَفٌ مَبْنِيَّةٌ..}. إلخ.
الشرح: قال ابن كثير-رحمه الله تعالى-: يخبر الله تعالى: أن تنزيل هذا الكتاب، وهو القرآن العظيم من عنده تبارك وتعالى، فهو الحق الذي لا مرية فيه، ولا شك كما قال عز وجل:
{وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعالَمِينَ،} وقال تعالى: {تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ،} وقال هاهنا: {تَنْزِيلُ الْكِتابِ مِنَ اللهِ الْعَزِيزِ} أي: المنيع الجناب. {الْحَكِيمِ} أي: في أقواله، وأفعاله، وشرعه، وقدره. انتهى. هذا؛ و {الْعَزِيزِ} يفسر بالغالب: القوي القاهر، الذي لا يغلب. و {الْحَكِيمِ} يفسر بالذي يفعل كل شيء بحكمة، وتقدير، وتدبير.
أما {الْكِتابِ} فهو في اللغة: الضم، والجمع. وسميت الجماعة من الجيش: كتيبة؛ لاجتماع أفرادها على رأي واحد، وخطة واحدة، كما سمي الكاتب كاتبا؛ لأنه يضم الكلام بعضه إلى بعض، ويجمعه، ويرتبه. وفي الاصطلاح: اسم لجملة مختصة من العلم، مشتملة على أبواب، وفصول، ومسائل غالبا. وانظر ما ذكرته في الآية رقم [٢] من سورة (الأحقاف) تجد ما يسرك، ويثلج صدرك.