هذا؛ وقال الأنباري: ومن كسر الحروف، وفتح:(وأن لو استقاموا) أضمر يمينا تاما، تأويلها: والله أن لو استقاموا على الطريقة. كما يقال في الكلام: والله أن قمت لقمت، وو الله لو قمت لقمت. قال الشاعر:[الوافر]
أما والله أن لو كنت حرّا... وما بالحرّ أنت ولا العتيق
وهذا الشاهد رقم [٤١] من كتابنا: «فتح القريب المجيب»، انظر شرحه، وإعرابه، ومحل الشاهد فيه هناك.
الشرح:{لِنَفْتِنَهُمْ} أي: لنختبرهم كيف شكرهم فيه على تلك النعم. والمعتمد: أن المراد بالضمير المنصوب: كفار قريش، بعد أن حبس الله عنهم المطر سبع سنين، والمراد بالضمير المجرور: الماء. قال عمر-رضي الله عنه-: أينما كان الماء كان المال، وأينما كان المال كانت الفتنة. وقال سعيد بن المسيب، وعطاء بن أبي رباح، والضحاك، وقتادة، ومقاتل، وعطية، وعبيد بن عمير، والحسن-رضي الله عنهم-: كان والله أصحاب النبي صلّى الله عليه وسلّم سامعين مطيعين، ففتحت عليهم كنوز كسرى، وقيصر، والمقوقس، والنجاشي، ففتنوا بها، فوثبوا على إمامهم، فقتلوه. يعني: عثمان-رضي الله عنه-.
{وَمَنْ يُعْرِضْ عَنْ ذِكْرِ رَبِّهِ:} يعني القرآن. قاله ابن زيد. وفي إعراضه عنه وجهان: أحدهما:
عن القبول؛ إن قيل: إنها في أهل الكفر. الثاني: عن العمل؛ إن قيل: إنها في أهل الإيمان.
وقيل: يعرض عن طاعة الله، وعبادته. {يَسْلُكْهُ عَذاباً صَعَداً:} يدخله ربه عذابا شديدا شاقا لا راحة فيه. وقال عكرمة: هو صخرة ملساء في جهنم يكلف صعودها، فإذا انتهى إلى أعلاها حدر إلى جهنم. قال تعالى في سورة (المدثر): {سَأُرْهِقُهُ صَعُوداً} انظر شرحها هناك، فإنه جيد، وخذ مما يناسب فحوى الآية.
فعن أبي سعيد الخدري-رضي الله عنه-أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال:«أخوف ما أخاف عليكم ما يخرج الله لكم من زهرة الدنيا». قالوا: وما زهرة الدّنيا؟ قال:«بركات الأرض». أخرجه مسلم. وأخرج البخاري، ومسلم من حديث عمرو بن عوف الأنصاري-رضي الله عنه-أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال:«أبشروا، وأمّلوا ما يسرّكم، فو الله ما الفقر أخشى عليكم، ولكن أخشى أن تبسط الدنيا عليكم كما بسطت على من كان قبلكم، فتنافسوها، وتهلككم كما أهلكتهم!».
الإعراب:{لِنَفْتِنَهُمْ:} فعل مضارع منصوب ب: «أن» مضمرة بعد لام التعليل، والفاعل مستتر تقديره:«نحن»، والهاء مفعول به، و «أن» المضمرة والفعل المضارع في تأويل مصدر في محل جر باللام، والجار والمجرور متعلقان بالفعل:(أسقيناهم). {فِيهِ:} جار ومجرور متعلقان