حكمه، ولا معارض له في فعله. وبين:{يَغْفِرُ} و ({يُعَذِّبُ}) طباق، وهو من المحسّنات البديعية. {وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} يعني: أنه تعالى يستر ذنوب عباده، لا على سبيل الوجوب عليه؛ لأنه تعالى لو أدخل جميع خلقه الجنّة؛ لكان ذلك برحمته، ولو أدخل جميع خلقه النّار؛ لكان ذلك بمحض عدله، ولكن جانب المغفرة، والرّحمة غالب. والله أعلم بمراده.
الإعراب:{وَلِلّهِ ما فِي السَّماواتِ..}. إلخ: انظر الآية رقم [١٢٩]{يَغْفِرُ:} فعل مضارع، والفاعل يعود إلى:(الله) ومفعوله محذوف، والجملة في محل نصب حال من لفظ الجلالة، والرابط الضمير فقط، وإن اعتبرتها مستأنفة؛ فلست مفنّدا. {لِمَنْ:} جار ومجرور متعلّقان بما قبلهما. {يَشاءُ:} فعل مضارع، والفاعل يعود إلى:(الله) والجملة الفعلية صلة: (من) أو صفتها، والعائد، أو الرابط محذوف، التقدير: يغفر للذي، أو: لشخص يشاؤه. والتي بعدها معطوفة عليها، وإعرابها مثلها بلا فارق. (الله): مبتدأ. {غَفُورٌ رَحِيمٌ:} خبران له، والجملة الاسمية معطوفة على الجملة الاسمية، لا محلّ لها مثلها.
الشرح:{يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا} نادى الله عباده المؤمنين في هذه الآية بأكرم وصف، وألطف عبارة؛ أي: يا من صدّقتم بالله، ورسوله، وتحلّيتم بالإيمان، الذي هو زينة الإنسان. وقد خاطب الله عباده المؤمنين بقوله:{يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا} في ثمانية وثمانين موضعا من القرآن الكريم. ونداء المخاطبين باسم المؤمنين، يذكّرهم بأن الإيمان يقتضي من صاحبه أن يتلقى أوامر الله، ونواهيه بحسن الطاعة، والامتثال. وإنّما خصّهم الله بالنداء؛ لأنهم هم المستجيبون لأمره، المنتهون عمّا نهى عنه؛ إذا الغالب أن يتبع هذا النداء بأمر، أو بنهي.
{لا تَأْكُلُوا الرِّبَوا:} ينهى الله عن تعاطي الربا، وإنما ذكر الأكل؛ لأنّه أعظم منافع المال؛ لأنّ المال لا يؤكل، إنّما يصرف في المأكول، ثم يؤكل... إلخ، وانظر الآية رقم [٢٧٥]. من سورة (البقرة). {أَضْعافاً مُضاعَفَةً} أراد به ما كانوا يفعلونه في الجاهلية عند حلول الدّين من زيادة المال، وتأخير الأجل. كان الرّجل في الجاهلية إذا كان له على آخر دين، فإذا جاء الأجل، ولم يكن للمدين ما يؤدّي؛ قال صاحب الدّين: زدني في المال حتى أزيدك في الأجل، فربما فعلوا ذلك مرارا فيصير الدّين أضعافا مضاعفة، فنهى الله عزّ وجل عن ذلك، وحرّم الله أصل الرّبا، ومضاعفته.
هذا؛ و {أَضْعافاً} جمع: ضعف، وهو بكسر الضاد، وسكون العين: مثل الشيء، وضعفاه:
مثلاه، وأضعافه: أمثاله. هذا هو الأصل في الضّعف، ثم استعمل في المثل، وما زاد، وليس