الإعراب:{وَإِنْ}: الواو: حرف استئناف. (إن): حرف شرط جازم. {كَذَّبُوكَ}: ماض مبني على الضم في محل جزم فعل الشرط، والواو فاعله، والكاف: مفعوله، والجملة الفعلية لا محل لها؛ لأنها ابتدائية، ويقال: لأنها جملة شرط غير ظرفي. {فَقُلْ}: الفاء: واقعة في جواب الشرط.
(قل): أمر، وفاعله مستتر تقديره:«أنت». {لِي}: متعلقان بمحذوف خبر مقدم. {عَمَلِي}: مبتدأ مؤخر مرفوع، وعلامة رفعه ضمة مقدرة على ما قبل ياء المتكلم، منع من ظهورها اشتغال المحل بالحركة المناسبة، وياء المتكلم في محل جر بالإضافة من إضافة المصدر لفاعله، والجملة الاسمية في محل نصب مقول القول، وجملة:{فَقُلْ..}. إلخ: في محل جزم جواب الشرط، و (إن) ومدخولها كلام مستأنف لا محل له. {أَنْتُمْ}: ضمير منفصل مبني على السكون في محل رفع مبتدأ.
{بَرِيئُونَ}: خبر مرفوع، علامة رفعه الواو نيابة عن الضمة؛ لأنه جمع مذكر سالم، والنون عوض عن التنوين في الاسم المفرد، وفاعله مستتر فيه. {مِمّا}: جار ومجرور متعلقان ب {بَرِيئُونَ،} و (ما) تحتمل الموصولة، والموصوفة، والمصدرية، فعلى الأولين مبنية على السكون في محل جر ب (من)، والجملة الفعلية بعدها صلتها، أو صفتها، والعائد أو الرابط: محذوف؛ إذ التقدير: أعمله، وعلى اعتبار (ما) مصدرية تؤول مع الفعل بعدها، بمصدر في محل جر ب (من)، التقدير: من عملي، والجملة الاسمية:{أَنْتُمْ..}. إلخ توكيد لما أفادته لام الاختصاص من عدم تعدي أجر العمل إلى غير عامله، أي: لا تؤاخذون بعملي، لا أؤاخذ بعملكم، انتهى. نقلا من أبي السعود.
أقول: وهذا حلّ معنى، لا حلّ إعراب، لذا فالجملة الاسمية:{أَنْتُمْ..}. إلخ مستأنفة لا محل لها، والجملة الاسمية:{وَأَنَا بَرِيءٌ..}. إلخ معطوفة على ما قبلها، وإعراب هذه مثلها، ومثل إعراب:{عَمّا يُشْرِكُونَ} في الآية رقم [١٨]، وجملة:{وَلَكُمْ عَمَلُكُمْ} معطوفة على ما قبلها، فهي في محل نصب مقول القول، وإعرابها مثلها بلا فارق، والكلام كله في محل نصب مقول القول. تأمل.
الشرح:{وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ} أي: ومن المشركين الذين يستمعون إليك حين تقرأ القرآن، ولكنهم لا ينتفعون بهذا السماع؛ لأنهم لم يعملوا عقولهم وقلوبهم، وذلك لشدة بغضهم، وعدوانهم لك، وكراهيتهم للحق والنور، وما أجدرك أن تنظر الآية رقم [٢٥] من سورة الأنعام، فإنك تجد ما يسرك. {أَفَأَنْتَ تُسْمِعُ الصُّمَّ}: استفهام نفي وإنكار، أي: أتقدر على إسماعهم؟. {وَلَوْ كانُوا لا يَعْقِلُونَ} أي: ولو انضم إلى صممهم عدم تعقلهم، وفيه تنبيه على أن حقيقة استماع الكلام: فهم المعنى المقصود منه؛ ولذلك لا توصف به البهائم، وهو لا يتأتى إلا باستماع العقل السليم في تدبره، وعقولهم لما كانت مولعة بمعارضة الوهم، ومشايعة الإلف