للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد ذكرت لك مرارا: أن بعضهم يعتبر نائب الفاعل ضميرا مستترا تقديره: «هو»، يعود إلى المصدر المفهوم من الفعل، أو هو محذوف، يدل عليه المقام؛ أي: وقيل قول، وبعضهم يعتبر الجار والمجرور: {لَهُمْ} في محل رفع نائب فاعل، والمعتمد الأول، وأيده ابن هشام في المغني، حيث قال: إن الجملة التي يراد بها لفظها يحكم لها بحكم المفردات، ولهذا تقع الجملة مبتدأ، نحو: «لا حول ولا قوة إلا بالله كنز من كنوز الجنة». ونحو «زعموا: مطية الكذب». وجملة: {قِيلَ..}. إلخ في محل جر بإضافة (إذا) إليها.

{يَسْتَغْفِرْ:} فعل مضارع مجزوم بجواب الأمر، وجزمه عند الجمهور بشرط محذوف، {لَكُمْ:} جار ومجرور متعلقان بما قبلهما. {رَسُولُ:} فاعل {يَسْتَغْفِرْ،} و {رَسُولُ} مضاف، و {اللهِ} مضاف إليه، والجملة الفعلية لا محل لها؛ لأنها جواب الطلب. هذا؛ وقد قال الجمل: {وَإِذا قِيلَ لَهُمْ تَعالَوْا يَسْتَغْفِرْ} قد تنازعا في {رَسُولُ اللهِ} فالأول يطلبه مفعولا، والثاني يطلبه فاعلا، فأعمل الثاني لقربه، وأضمر في الأول؛ أي: تعالوا إليه. وفي السمين: وهذه المسألة عدها النحاة من التنازع، ذلك: أن {تَعالَوْا} يطلب {رَسُولُ اللهِ} مجرورا ب‍: «إلى»؛ أي: تعالوا إلى رسول الله، و {يَسْتَغْفِرْ} يطلبه فاعلا، فأعمل الثاني، ولذلك رفعه، وحذف الأول؛ إذ التقدير: تعالوا إليه، ولو أعمل الأول لقيل: تعالوا إلى رسول الله، فيضمر في يستغفر فاعل، ويمكن أن يقال: ليست هذه من التنازع في شيء؛ لأن قوله: {تَعالَوْا} أمر بالإقبال من حيث هو، لا بالنظر إلى مقبل عليه.

{لَوَّوْا:} فعل ماض مبني على فتح مقدر على الألف المحذوفة لالتقائها ساكنة مع واو الجماعة؛ التي هي فاعله، والألف للتفريق، والجملة الفعلية جواب (إذا) لا محل لها.

{رُؤُسَهُمْ:} مفعول به، والهاء في محل جر بالإضافة. {وَرَأَيْتَهُمْ:} الواو: حرف عطف.

(رأيتهم): فعل ماض، وفاعله، ومفعوله الأول، {يَصُدُّونَ:} فعل مضارع مرفوع، والواو فاعله، ومتعلقه محذوف، والجملة الفعلية في محل نصب مفعول به ثان، أو هي في محل نصب حال من الضمير المنصوب، وجملة: (رأيتهم يصدون) معطوفة على ما قبلها، لا محل لها مثلها، والجملة الاسمية: (هم مستكبرون) في محل نصب حال من واو الجماعة، والرابط: الواو، والضمير.

{سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ لَنْ يَغْفِرَ اللهُ لَهُمْ إِنَّ اللهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفاسِقِينَ (٦)}

الشرح: {سَواءٌ عَلَيْهِمْ} أي: يتساوى الأمر بالنسبة لهم، فإنه لا ينفع استغفارك لهم شيئا، لفسقهم، وخروجهم عن طاعة الله، ورسوله، فهو تيئيس له من إيمانهم؛ لأنه ربما كان يحب صلاحهم، وأنه يستغفر لهم رجاء في هدايتهم، وربما ندبه إلى ذلك بعض أقاربهم، فقال جل ذكره

<<  <  ج: ص:  >  >>