للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مبتدأ مؤخر، والجملة الاسمية مستأنفة، أو هي في محل نصب حال ثانية من جنة الخلد.

و {يَشاؤُنَ:} فعل مضارع مرفوع وعلامة رفعه ثبوت النون، والواو فاعله، والجملة الفعلية صلة الموصول، والعائد محذوف؛ إذ التقدير: الذي يشاؤونه. {خالِدِينَ:} حال من واو الجماعة منصوب فهي حال متداخلة من وجه، وعلامة نصبه الياء... إلخ، وفاعله ضمير مستتر فيه.

{كانَ:} فعل ماض ناقص، واسمه ضمير مستتر، تقديره: «هو» يعود إلى {ما،} أو يعود على الوعد المفهوم من قوله: {وُعِدَ الْمُتَّقُونَ}. {عَلى رَبِّكَ:} متعلقان بمحذوف حال من وعدا، كان صفة له، فلما قدم عليه صار حالا، وقال أبو البقاء: متعلقان بخبر {كانَ} والمعنى لا يؤيده، ولو قال: متعلقان ب‍: {كانَ} نفسها؛ لكان مقبولا، والكاف في محل جر بالإضافة من إضافة اسم الفاعل لمفعوله، وفاعله مستتر فيه. {وَعْداً:} خبر {كانَ}. {مَسْؤُلاً:} صفة وعدا، وجملة: {كانَ عَلى رَبِّكَ..}. إلخ مستأنفة، لا محل لها.

{وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ وَما يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ فَيَقُولُ أَأَنْتُمْ أَضْلَلْتُمْ عِبادِي هؤُلاءِ أَمْ هُمْ ضَلُّوا السَّبِيلَ (١٧)}

الشرح: {وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ:} يقرأ الفعل بالياء، والنون، والحشر: الجمع، والمراد: بعثهم للحساب، والجزاء. {وَما يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ} أي: غير الله من الملائكة، وعيسى، وعزير، والجن، فيكون قد خص العقلاء لقرينة السؤال، والجواب، فتكون (ما) مستعملة في العقلاء فقط، وهذا وجه أول، والوجه الثاني: أن المراد: ما عبد من دون الله جميعا العقلاء وغيرهم، وغلب غير العاقل على العاقل. والوجه الثالث: أن المراد: ما لا يعقل فقط، والله قادر على أن ينطق الحجارة التي عبدت من دون الله تعالى، أو تتكلم بلسان الحال، كما قيل: في شهادة الأيدي والأرجل، كما رأيت في الآية رقم [٢٤] من سورة (النور). {فَيَقُولُ} أي: الله تعالى للمعبودين. وقرئ الفعل بالنون. {أَأَنْتُمْ أَضْلَلْتُمْ عِبادِي:} أو قعتموهم في الضلال بأمركم إياهم بعبادتكم. {أَمْ هُمْ ضَلُّوا السَّبِيلَ} أي: خرجوا عن الصراط المستقيم بإرادتهم. والمراد ب‍:

{السَّبِيلَ} دين الإسلام، وتعاليمه السمحة.

تنبيه: قال الزمخشري-رحمه الله تعالى-: فإن قلت: فالله سبحانه قد سبق في علمه بالمسؤول عنه؛ فما فائدة هذا السؤال؟ قلت: فائدته: أن يجيبوا بما أجابوا به حتى يبكت عبدتهم بتكذيبهم إياهم، فيبهتوا، وينخذلوا، وتزيد حسرتهم، ويكون ذلك نوعا مما يلحقهم من غضب الله، وعقابه، ويغتبط المؤمنون، ويفرحوا بحالهم، ونجاتهم من فضيحة أولئك، وليكون حكاية ذلك في القرآن لطفا للمكلفين، وفيه كسر بيّن لقول من يزعم: أن الله يضل عباده على الحقيقة حيث يقول للمعبودين من دونه: أأنتم أضللتموهم أم هم ضلوا بأنفسهم؟ فيتبرؤون من

<<  <  ج: ص:  >  >>