للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والجملة الفعلية معطوفة على ما قبلها، فهي في محل رفع، أو نصب مثلها. {وَهُوَ:} (الواو):

واو الحال. (هو): مبتدأ. {بِالْأُفُقِ:} متعلقان بمحذوف خبر المبتدأ. {الْأَعْلى:} صفة (الأفق) مجرور مثله، وعلامة جره كسرة مقدرة على الألف للتعذر، والجملة الاسمية: {وَهُوَ..}. إلخ في محل نصب حال من فاعل (استوى) المستتر، والرابط: الواو، والضمير.

{ثُمَّ دَنا فَتَدَلّى (٨) فَكانَ قابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنى (٩) فَأَوْحى إِلى عَبْدِهِ ما أَوْحى (١٠) ما كَذَبَ الْفُؤادُ ما رَأى (١١) أَفَتُمارُونَهُ عَلى ما يَرى (١٢)}

الشرح: {ثُمَّ دَنا} أي: دنا جبريل بعد استوائه بالأفق الأعلى من الأرض. {فَتَدَلّى} فنزل على النبي صلّى الله عليه وسلّم بالوحي، والمعنى: أنه لما رأى النبي صلّى الله عليه وسلّم من عظمة جبريل ما رأى، وهاله ذلك؛ رده الله إلى صورة آدمي حين قرب من النبي صلّى الله عليه وسلّم بالوحي. وعن ابن عباس-رضي الله عنهما-أن معناه: أن الله تبارك وتعالى دنا من محمد صلّى الله عليه وسلّم فتدلى. وروى نحوه أنس-رضي الله عنه-عن النبي صلّى الله عليه وسلّم، والمعنى: دنا منه أمره، وحكمه. وهذا يعني: أن في الكلام تقديما، وتأخيرا. وبه قال القرطبي. وأصل التدلي: النزول إلى الشيء؛ حتى يقرب منه، فوضع موضع القرب، قال لبيد-رضي الله عنه-: [الرمل] فتدلّيت عليه قافلا... وعلى الأرض غيايات الطّفل

{فَكانَ قابَ} أي: مقدار. {قَوْسَيْنِ:} تثنية قوس، وقال سعيد بن المسيب-رحمه الله تعالى-: (القاب) صدر القوس العربية، حيث يشدّ عليه السير، الذي يتنكبه صاحبه، ولكل قوس قاب واحد. فأخبر الله: أن جبريل قرب من محمد كقرب قاب قوسين. وقال سعيد بن جبير، وعطاء، وأبو إسحاق الهمداني، وغيرهم: {فَكانَ قابَ قَوْسَيْنِ} أي: قدر ذراعين، والقوس:

الذراع يقاس بها كل شيء، وهي لغة بعض الحجازيين. والقوس يذكر، ويؤنث، فمن أنث قال في تصغيرها: قويسة، ومن ذكر قال: قويس، والجمع: قسيّ، وأقواس، وقياس، والقوس أيضا: بقية التمر في الوعاء. والقوس برج في السماء. هذا؛ وقال الزمخشري: وقد جاء التقدير بالقوس، والرمح، والسوط، والذراع، والباع، والخطوة، والشبر، والفتر، والأصبع. {أَوْ أَدْنى:} أو أقل من قاب قوسين.

هذا؛ وقال القاضي عياض: فمن جعل الضمير عائدا إلى الله تعالى، لا إلى جبريل كان عبارة عن نهاية القرب، ولطف المحل، وإيضاح المعرفة، والإشراف على الحقيقة من محمد صلّى الله عليه وسلّم، وعبارة عن إجابة الرغبة، وقضاء المطالب، وهذه الاية كقوله تعالى في سورة (الصافات) رقم [١٤٣]: {وَأَرْسَلْناهُ إِلى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ} لأن المعنى: فكان بأحد هذين المقدارين في

<<  <  ج: ص:  >  >>