للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{لَيْسَ عَلَى الْأَعْمى حَرَجٌ وَلا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ وَلا عَلى أَنْفُسِكُمْ أَنْ تَأْكُلُوا مِنْ بُيُوتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ آبائِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أُمَّهاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ إِخْوانِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخَواتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَعْمامِكُمْ أَوْ بُيُوتِ عَمّاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخْوالِكُمْ أَوْ بُيُوتِ خالاتِكُمْ أَوْ ما مَلَكْتُمْ مَفاتِحَهُ أَوْ صَدِيقِكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَأْكُلُوا جَمِيعاً أَوْ أَشْتاتاً فَإِذا دَخَلْتُمْ بُيُوتاً فَسَلِّمُوا عَلى أَنْفُسِكُمْ تَحِيَّةً مِنْ عِنْدِ اللهِ مُبارَكَةً طَيِّبَةً كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمُ الْآياتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (٦١)}

الشرح: اختلف العلماء في هذه الآية، فقال عبد الله بن عباس-رضي الله عنهما-: لما أنزل الله عز وجل: {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ} تحرج المسلمون عن مؤاكلة المرضى، والزمنى، والعمي، والعرج، وقالوا: الطعام أفضل الأموال، وقد نهانا الله عز وجل عن أكل الأموال بالباطل، والأعمى لا يبصر موضع الطعام الطيب، والأعرج لا يتمكن من الجلوس، ولا يستطيع المزاحمة على الطعام، والمريض يضعف عن التناول، فلا يستوفي من الطعام حقه.

فأنزل الله عز وجل هذه الآية، فعلى هذا التأويل تكون {عَلَى} بمعنى «في» أي: ليس في الأعمى.

والمعنى: ليس عليكم في مؤاكلة الأعمى، والمريض، والأعرج حرج؛ أي: إثم ومؤاخذة.

وقيل: كان العميان، والعرجان، والمرضى يتنزهون عن مؤاكلة الأصحاء؛ لأن الناس يقذرونهم، ويكرهون مؤاكلتهم، وكان الأعمى يقول: ربما آكل أكثر من ذلك، ويقول الأعرج والمريض: ربما أجلس مكان اثنين. فنزلت هذه الآية.

وقيل: نزلت ترخيصا لهؤلاء في الأكل من بيوت من سماهم الله في باقي الآية، وذلك: أن هؤلاء كانوا يدخلون على الرجل في طلب الطعام، فإذا لم يكن عنده شيء ذهب بهم إلى بيت أخيه، أو بيت أمه، أو بعض من سمى الله تعالى، فكان أهل الزمانة يتحرجون من ذلك، ويقولون: ذهب بنا إلى غير بيته. فأنزل الله تعالى هذه الآية.

وقيل: كان المسلمون إذا غزوا؛ دفعوا مفاتيح بيوتهم إلى الزمنى، ويقولون لهم: قد أحللنا لكم أن تأكلوا مما في بيوتنا، فكانوا يتحرجون من ذلك، ويقولون: لا ندخلها، وأصحابها غيّب، فأنزل الله هذه الآية رخصة لهم. وقيل: نزلت رخصة لهؤلاء في التخلف عن الجهاد.

فعلى هذا تم الكلام عند قوله: {وَلا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ} وقوله تعالى: {وَلا عَلى أَنْفُسِكُمْ..}. إلخ كلام مستأنف. انتهى. خازن. وهذا الأخير نفاه البيضاوي، حيث قال: وهو لا يلائم ما قبله، وما بعده.

<<  <  ج: ص:  >  >>